يحيى بهرام ..والقصّة المُحرّفة!

يحيى بهرام ..والقصّة المُحرّفة!

لقد جرت مُحاولات عديدة لتحريف التأريخ المندائي من قبل المُستشرقين وخاصّة من الذين يعملون للمؤسسات الدينيّة اليهوديّة والمسيحيّة المُتطرّفة وبتمويل منها، وغالباً كانت هذه المُحاولات تتركّز على دَس معلومات خاطئة عن الدين المندائي وعن رجال الدين المندائيين، ومنها قصّة إنقراض الشيوخ المندائيين بسبب الطاعون عام 1830، وبعد ذلك كيف عادت الدارة بطراسة شابين لنفسيهما (يحيى بهرام) من دون تكريس من قبل رجال الدين. وقد ذَكَرَ هذه القصّة عدد من المُستشرقين منهم المُستشرق بيترمان والمُستشرق ماكوك ( Rudolf Macuch) والذي هو كان مبعوثاً من الكنيسة اللوثرية في سلوفاكيا وبعد ذلك أعاد القصّة المستشرق بوكلي (Jorunn J. Buckley).
وحيثُ انّ أصل هذه القصّة هي أنها كانت قد نُشرت في أوروبا عام 1953 أعتماداً على أزهارات مخطوطة وحيدة (مصبوتا اد هيبل زيوا) والتي كان قد تمّ الإدعاء بأنها قد كُتبت من قبل الشيخ يحيى بهرام عام ١٨٣١ مُباشرة بعد نهاية وباء الكوليرا (اسموه بالطاعون), وهذا هو المصدر الوحيد لهذه القصّة المأساويّة والتي روّج لها المُستشرقون وأتباعهم.

ولكن مَن هو يحيى بهرام؟ (مصدر1)
هو يحيى بهرام بر آدم يهانا بر سام بهرام بر سعدان بر مسعد بر مسعود بر سرار اللقب خميسي الكنيانة ريش دراز

نَسَب مُعلّمه
رام زهرون بر سام بهرام الكنيانة عزيز اللقب درّاجي

أنَّ يحيى بهرام وقصته حسب الإدعاء كانت قد حَدَثت عام 1831 وحيثُ أنّ هذه القصّة تعود إلى كون يحيى بهرام قد تَحدّثَ بتعابير مجازيّة عن كون الطاعون لم يُبقي أحد من الشيوخ وهو كان يقصد الشيوخ في شوشتر وليس جميع الشيوخ في جميع مناطق المندائيين المُنتشرة من سوق الشيوخ والجبايش والقرنة وقلعة صالح والبصرة إلى المُحمّرة والأهواز وغيرها, وحيثُ أنه كان قد ذهب إلى شوشتر هارباً من المُحمّرة عندما هاجمها الحاكم العُثماني، وذلك بأنه وفي نفس الإزهار يتحدث عن كونه كان في البصرة عام 1838 وفي تلك السنة فيقول “قَدِمَ إليه المندويّة وهُما الكنزبرا صَكر وترميدا شبوط وقاما بأخذه إلى سوق الشيوخ” محلة المركب, وتأريخياً فأن شيوخ العائلة المندويّة كانوا موجودين في تلك الفترة بقوّة في سوق الشيوخ وفي مناطق أخرى, من عائلة الشيخ بهرام وأولادهم وأحفادهم وهذا أزهار من كنزا ربا الشيخ مُرّان الصابوري وهو يتحدث عن نفس أحداث سنة 1830-1831 وبأن أحداث الوباء طالت المندائيين بشدّة في مناطق البصرة والحويزة والقرنة فيقول باللُّغة العربيّة العاميّة (الأزهار مع المُرفقات).

”… ويا اخوان هل تجون من عقبه تفسير مندائي ماتعرفون كتبنا الكم عربي ويا اخوان احنا شفنا شوف عيونه بسنت 1246 (1830-1831م) اجا موت كثير ماتو من الصبه والاسلام ضلو الموته بالطريج والكلاب تاكل بيها وندفن ومانلحق وضل اربع تشهر بلدنيا وفك مومنين ماتو بالموت اهلهم وعيالهم اهل البصرة واهل الحويزة واهل القرنه ما ضل منهم احد ضلو تواليد من المومنين لايندلون ولايقون”
ومن هذا الأزهار المُهم نعرف بأن حادثة موت بعض الشيوخ كانت مُقترنة بمُدن البصرة والحويزة والقرنة فقط ولم تصل إلى جميع مناطق المندائيين.

وبعد ذلك يتحدث بكون عائلة الشيخ بهرام المندوي كانت مسؤولة عن الطائفة مُنذ خمسين عاماً, أي لفترة تعود إلى ماقبل الطاعون (الأزهار مع المُرفقات).
“ومن السنتين دارت لبيت شيخ بهرام المندوي شيخ صقر وولاده وضلت بيديهم خمسين سنه عليهم شيخ داموك وشيخ صحن اهل مضيف وزاد من كل خاطرهم وجهن يضحك يحبون ويرحبون والناس حسدتهم والعين لعبت بيهم وياهم مومنين وياكلون بهل نعمه .. واهو صاحب زين ماطلعت منه والله ناطية وراضي عليه وسع الخاطر والحكي كثير ماينكتب”

وحيثُ أنّ الأستاذ ماجد فندي المُباركي قد أدّعى بمقالته (مصدر2) التي نشرها ووزعها في أوروبا ومناطق أخرى, بأن حادثة موت الشيوخ في الطاعون كانت شاملة وكاملة ولم تُبقي أي أحد من الدارة وروّج لأن الدين المندائي كان قد أنقرض وبعد ذلك كرّس شابين لنفسيهما من دون كشطا من أحد رجال الدين الحقيقيين! ولا نعرف أيضاً لماذا أدعى بأن يحيى بهرام هو جدّنا الشيخ بهرام والد الشيخ صكر والشيخ بدر (شاهد الصور المُرفقة)؟ وحيثُ أنّ مصادر المُستشرقين جميعاً لم يقولوا هذا؟ وكذلك لم يتحدثوا عن الإنقراض المزعوم للشيوخ!
فيا إخواننا الباحثين والمُهتمين في الشأن المندائي لاتنقلوا عن كُتاب الإشاعات وهُم الذين يكتبون من دون مصادر رصينة, ولأن ناقل الخبر مسؤول عن صحته وتقع عليه أمانة علمية بذلك أيضاً, وحيثُ انّ سياسة نشر الأخبار الكاذبة تتم عبر دَس السُم في العسل فيتم تزيين البحث أو الكتاب وكأنه يدعم القضية ويُغرون المُهتمين الذين ليست لديهم معرفة كافية لكي يتداولوه وينشروه ولكن الحقيقة هي أنه بحث مُغرض, فلا تنقلوا الأخبار والبحوث بدون أن تتبينوا نوايا كاتبها وداعمها ومَن ورائها.
ولو عُرِفَ السبب لبَطُلَ العَجب فهذا النوع من البحوث المُغرضة ورائه إسرائيل (مصدر1) والتي تنزعج من كون الدين الأول الذي أُنزِلَ على آدم لايزال حياً وبدون إنقطاع, ولهذا فهُم يُريدون تصوير الموضوع وكأن هُنالك إنقطاعاً قد حَدَثَ في الشرشا, وبينما الكُتُب الدينية وسلاسل رجال الدين من العوائل المندائيّة تَشهد جميعها بأن لا إنقطاع قد حَدَثَ مُنذُ بداية الزمان ولغاية الآن.
سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ

المصادر
1. Yahia Bihram’s Narrative Colophons Part 1 : DC 35 ، MATTHEW MORGENSTERN، Tel Aviv University
2. مقالة منشورة في موقع المكتبة المندائيّة, حرق المُحمّرة, مؤيد مكلف سوادي
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=3258726930833655&id=124950227544690&__tn__=K-R