هي أصدَق الصِّدق: الأمَانَة
“لا تَسرِقوا من شُركائكُم وأحبابكُم بالغَدرِ والخيانة.
أنّ الذي يَسرِق من رَفيقه ومن شَريكه، لن ترى عيناهُ النور.” الكنزا ربا اليمين
يتدرّج الناس في كل صفاتهم ويختلفون عن بعضهم فيها, ولكن ميزة الصدق إن وُجدت في صاحبها فهي المفتاح الذي يفتح له باقي الأبواب ويُقرّبه من الجميع. وأنّ الوصول لأعلى درجات الصدق يجعل صاحبه يؤدي الأمانة في كل شيء, فيُصبح أميناً ويتربع في أعلى سُلّم الأخلاق بمقياس الإنسانيّة, فمُنذ نشوئها كانت تُحاول أن تَقيس نفسها لتُحاكي عالم المُثل والقيم العُليا التي وصفوها بأنها موجودة فقط لدى الإله, لشدّة صعوبتها على من لم يَكُن الإيمان الكامل قد دَخَلَ قلبه وجَعله يؤمن بما لم ترهُ عينه, فيُطيع ويُلبي ضميره وقلبه قبل مخافته من العقاب.
ويأتي لنا وَصف الأثريين في عالم النور, الذي كان أجدادنا الناصورائيون يُحاولون التشبّه به إلى أدق التفاصيل. فكان مُجتمعهم الصادق يتشبّه بالصفات العُليا للإله ولأنه طيّب ونقي, ولا يقبل أن يُقرّب له سوى مَن كان يَحمل صفاته أثناء أختباره في العالم الأرضي عندما كان في لِباس اللّحم والدماء. وهذا هو جوهر الفلسفة التي أخذها عنهم اليونانيون القدماء كما تُخبرنا بذلك الدراسات عن فيثاغورس وباقي الفلاسفة (رابط).
“كلُّهم لُطَفاءُ طيّبون, وحُكَماءُ صادقون. لا إساءةَ فيهم ولا خِداع. بَعضُهُم يَحلُّ في منازلِ بعضٍ لا يُخطِئون , ولا بعضٌ إلى بعضٍ يُسيئون. مُعزَّزون مُكرَّمون. كمِثْلِ أهدابِ العَينِ مُتَشابهون. نَواياهُم بعضٌ لبعضٍ مكشوفةْ. وأَخبارُ ما تَقدَّمَ وما تَأخَّرَ لَديهِم مَعروفةْ. يُنير بَعَضُهم بَعضاً , ويُعَطِّرُ بَعضُهم بَعضاً , ويَمدُّون الكشطا بعضُهم إلى بعض” الكنزا ربا اليمين
ولو نتأمّل في هذا الوصف الجميل عن صفات الأثريين في عالم النور كما يأتي في كتاب الكنزا ربا, فنجد بأن الصِفة المُشتركة بينهم جميعهم هي الصِدق الكامل والذي هو الأمانة, ولو أنه لم يكن موجوداً وحتى ولو بدرجة صغيرة فلن يتحقق أي شيء مما ذُكر عن وصف الأثريين هذا وينتهي نقائهم الكامل.
لقد عُرِفَت الحضارات الأصيلة وأولها بلاد الرافدين بالصدق, وكذلك أمتداداتهم المُجتمعيّة في دول الخليج. ولكن وللأسف فقد قامت العولمة في العصر الحديث بنشر جميع الصفات البذيئة بين البشر ولم يعد النقاء والصدق والأمانة كثقافة عامّة للشعوب, بل أصبح الغدر والسرقة والخيانة يتم تدريسها للناس من خلال نشر ثقافة الفساد في الإعلام بوصفها طريق تحقيق الأماني.
طوبى للذي يَحفظ نَفسه من الكَذب والخيانة فأنها في قعر عالم الظّلام.
“باسمِ الحيِّ العظيم
إنَّهُ صوتُهُ الَّذي ينادي
صوتُ الحيِّ العظيمِ ينادي
مَن لهُ آذانٌ فليسمَعْ
وليُحذِّر نفسَهُ ويخشَعْ
طوبى لمن عَرَفَ الصَّلاح وَسَعى إليه
طوبى لمن عَرَفَ ذاتَه ..ومَن أضاءَ قلبُهُ حَياتَه
طوبى للعادلين ..إنَّهم الى بلدِ النُّورِ يَصعَدون” الكنزا ربا اليمين
سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ
مقالة: فيثاغورس ومُعلمه الناصورائي الساحر