نقد وتحليل//
كتاب جديد صَدَرَ عن الصابئة “الصّابئة في الثّقافة العربيّة الإسلاميّة, للأستاذة آمنة الجبلاوي”
للأسف لم أقرأ الكتاب بعد ولكن طبقاً لما نُشر عنه وللنقاش الذي دار حوله في هذا البرنامج, فهذا مُلخّص وتقييم سريع له:
* إن الكتاب يُمثّل خطوة إلى الأمام وتشجيعاً لباقي الباحثين للبدء بمزيد من البحوث حول الصابئة, وبعد أن كانوا في السابق غير مُهتمين أو مُنكرين تماماً لأي تأثير من الدين الصابئي على الإسلام المُبكر, ولكن الباحثة ذَكَرت وبشجاعة العديد من الحقائق المُهمّة ومنها
*أنّ جدّ الرسول مُحمد لأمه كان صابئياً وهو نفسه كان قد تربّى في بيت صابئي, مصدرها التحليل والتنوير طاهر بن عاشور, القرن 14 وكذلك البيروني, وفي نفس المصدر السابق يربط بن عاشور بين الصابئة ومملكة الأنباط.
*طبقاً لبحوث الجبلاوي فهي تدعم القصّة التي تقول بخروج إبراهيم عن الصابئة بعد ختانه وتأسيسه للديانة الجديدة.
من ناحية أخرى فأنّ هُنالك بعض النقاط التي لانتفق بها معها, فبرُغم أنّ الباحثة الجبلاوي هي ذات مصداقيّة وأهل للثقّة بكونها مُجرّدة من النزعات القوميّة أو الدينيّة والأهواء الشخصيّة التي تُضعف الباحثين عادة, ولكن فيما يلي بعض المُلاحظات عن إستنتاجاتها
*لم تستطع الخروج عن الذي كان قد ذُكر في المصادر فيما يخُص الفلسفة المندائيّة, وحيثُ أن هذه الفلسفة هي كانت غامضة في الزمن القديم تماماً للمؤرخين القُدامى بسبب المَنع الذي كان ولايزال يضعه الصابئة على تفسير العُمق الروحاني للنصوص المُقدّسة, ولهذا فقد كَتَبَ هؤلاء وفقاً لمشاهداتهم ووفقاً للإشاعات التي ذُكرت عنهم وعلى سبيل المثال الرواية التي ذُكرت عن أيشع القطيعي النصراني في الفهرست لأبن النديم, بوجود إختلاف بين صابئة حرّان والصابئة المندائيين, ولكنه كان في هذه الرواية التي من المفروض أنها قد جرت في زمن المأمون 198-218 للهجرة ولكنه حَشَرَ فيها أسم سنان بن ثابت بن قُرّة الطبيب في العصر العباسي 331 للهجرة والذي كانت له حظوة خاصّة لدى الخليفة العباسي, مما يدعم وجود صراع على المناصب والنفوذ (مصدر1) ولأن تلك التُهمة كان عقابها الموت.
*لا نتفق مع الكاتبة بوجود المرحلة التي أسمتها بالحنوثيّة, وهي بوجود إله مركزي وآلهة متعددة مُساعدة, وطبعاً هذا الموضوع يحتاج إلى نصوص كثيرة ولكي تصل إلى هذه الفكرة من التوحيد الخالص, ورُبما كانت ترجمة ليدزبارسكي قد ساهمت بهذه الفكرة المشوّشة لديها.
*لا وجود لتوسّل بالكواكب في الفلسفة المندائيّة كما هي ذكرت, وإنما كانت هُنالك مُمارسات من العلوم الفلكيّة التي تُحاول معرفة الغيب عبر التنجيم وهي من العلوم البابليّة القديمة التي ورثها المندائيون, ولكن توجد نصوص تُحرّم التنجيم تماماً وكذلك فهي تعتبر الكواكب أماكن للشر.
*إن الإختلافات الفلسفيّة بين الصابئة المندائيين والأحناف لايعدو كونه إجتهادات مُختلفة بين الحلقات العلميّة المتعددة داخل نفس الدين (مصدر2), وبالمناسبة فأن الطريقة التي يتوزّع بها الكهنة المندائيين إلى حلقات علميّة ولها إجتهادات مُختلفة داخل نفس الفلسفة هي موجودة لغاية الآن ضمن حدود ضيّقة.
مع التقدير وتمنياتنا لها بمزيد من البحوث حول الصابئة
سنان سامي الجادر
المصادر
مفاهيم صابئية مندائيّة, ناجيّة المراني ص84
مقالة: الناصورائيون ….. ,الكلدان, النبط, الأحناف, سنان سامي الجادر