المسيح الترميدا الناصورائي
أنّ متحف آيا صوفيا في أسطنبول, كان قد بُنيَ عام 537 ميلادية وبني كواحد من أكبر الكاتدرائيات في العالم ولمدة 916 سنة. وكانت هذه الكاتدرائية نفسها قد أقيمت على أنقاض كنيسة بيزنطية قديمة (الامبراطورية الرومانية الشرقية), وبعد أحتلال القسطنطينة من قبل الأتراك تحولت الكاتدرائية الى جامع لمدة 481 سنة ومن ثم تحولت الى متحف عام 1935.
والزائر لهذا المتحف سوف يواجه لوحة موزائيك كبيرة من القرن الثالث عشر لعيسى المسيح مع يهيا يهانا ومريم العذراء. حيث تُبيّن الصورة بأن النبي يحيى هو شيخ زاهد وكبير السن مقارنة مع النبي عيسى الذي هو شاب ويرتدي ملابس الملوك والترف, وهذه الرموز وغيرها كان يبرع بها دافنشي وغيره من فناني عصر النهضة بكون النبي الحقيقي هو يحيى وليس عيسى. وهذا يتفق مع التراث المندائي الذي يعترف فقط بنبوّة يحيى أو يهيا يهانا, وأنه كان قد ولد قبل الميلاد بأكثر من ثلاثة عقود, وليس كما يقول التراث المسيحي واليهودي بأنه ولد قبل المسيح بسنوات قليلة. وفي نفس المكان يوجد حوض التعميد الذي كان الناس يتعمدون فيه بالماء, ولكنهم يصطبغون باسم المسيح وليس باسم الحيّ العظيم!
تقول الليدي دراور في كتابها الصابئة المندائيون (1), بأن بحوثها في المراجع المندائية تُبيّن عنهم بأن عيسى المسيح هو ناصورائي قد أنشق عن المندائية وقام بتغيير الطقوس والتعاليم التي تَعلَمها لتتناسب مع توجهات الناس في عصره.
إن عملية تحريف وتحوير التعاليم والطقوس الدينية المسيحية لم تكن عشوائية قط, وهي تتماشى مع عمليات تزوير وتحريف التأريخ والتي تقودها المنظمات الصهيونيّة عبر الأزمان لربط كافة الأديان بها والسيطرة عليها.
ليس التراث المسيحي وحده من قام اليهود بتحريفه وربطه برواياتهم المؤلفة والمسروقة من الأدب السومري والذي أسموه كتاب العهد القديم (2), بل وحتى الآثار والتعاليم المندائية هم ينسبونها لهم. ومن الوسائل التي أتبعوها في القرن العشرين هي الادعاء بمخطوطات البحر الميت التي دسّوا فيها فلسفات كثيرة متنوعة من بلاد الرافدين وأديانه وتَبين لاحقاً بأنها كانت مزورة (3), وذلك لكي ينسبوا ذلك التاريخ وفلسفاته الدينيّة لهم ويصبحون مركزاً للأديان القديمة.
أن المسيح هو ناصورائي كان قد تَتَلمَذَ وأصطَبَغَ على يَد يهيا يهانا, ولكنهُ انشق عن المندائية وقام بتغيير التعاليم وذلك بالسماح لتلاميذه بأن يَصطَبِغوا بالماء غَير الجاري (مصدر1) فتقول الباحثة المُستشرقة دراور عنه “عيسى بالنسبة للاهوتيين الصابئين “ناصورائي” أيضاً, إلا أنه خرج على الدين وقاد الناس إلى دين آخر وباح بالعقائد الباطنية وجعل الدين أكثر يسراً .. باتخاذها الماء غير الجاري للتعميد, وبعزوبة الرهبان والراهبات”.
هنالك الكثير من التحريف في الروايات عن السيد المسيح وعن تَعاليمه, وفي معظمها كانت قد جَرَت لغرض إلحاق المسيحية باليهودية أو لتكون مُتفقة مع الوَثَنيّة الرومانية ذات السُلطة في ذلك الوقت, وقد استمرت هذه الحالة حتى العصور الحديثة (مصدر4). لكون الديانات التبشيرية وسيلة للسيطرة على المُجتمع, وتوفير الأسباب السياسية للسيطرة الاستعمارية على الأقوام الأخرى, وتجييش الجيوش بكُلفة قليلة ولأن الجُنود هُم ذاهبون للحرب المُقدّسة وفي سبيل الرَب, ولم تكن الكنيسة المسيحية ذات نزعة إنسانية كما هي اليوم وإنما كانت تَدعَم الرق والعبودية وتَدعم سُلطة الإقطاع والملوك والحُكام, مُنذ الميلاد ولغاية القرن التاسع عَشر, عندما قويت الحركات الإصلاحية في المجتمع الأوروبي, ولكنها كانت ولا تزال فعّالة في السيطرة على المُجتمع وتجييش الناس وقت الحرب مُنذُ الحروب الصليبية ولغاية الآن, ونَذكر جورج بوش عند غزو العراق فقال بأنها حربٌ صليبية, وهو السبب الحقيقي لتلك الحرب, والذي كان محور نقاشاته مع حُلفائه المسيحيين لكي يُشاركوا بها حيث يقول الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك في مذكراته بأنه صُعق عندما قال له بوش يجب أن نحارب العراق لأن آجوج وماجوج سوف يظهرون من بابل ويدمرون إسرائيل والغرب المسيحي (مصدر5), وعَبئوا العالم الغربي بهذا الموضوع.
وفيما يلي بعض النقاط الرئيسية والتي تُبين أنتساب المسيح للمعرفة المندائية الناصورائية:
1- لقد كان المسيح يُرَدِد ويُعرَفُ عَنه بأنهُ الناصورائي (الناصري بتحوير اللُغة), ولكي يستطيع اليَهود أن ينسبوا المَسيح لدينهم كان لزاماً عليهم أن يجدوا تفسيراً لهذا الموضوع, ولهذا فقد بُنيَت مدينة صغيرة أو قرية في القرن الثالث الميلادي أي بعد وفاة المسيح بأكثر من مئتي عام وأسموها الناصرة (مصدر6) ولكي يُصبح بأن المسيح كان يقول هذا لينسب نفسه إلى تلك المنطقة, ولكن لماذا يسعى شخص بمنزلة المسيح الروحانية لكي يترك انتسابه الروحي للخالق ولمعرفة العلوم اللاهوتية السريّة ويُشدد فقط على انتسابه إلى قرية صغيرة غير معروفة, إن كان حقاً قد وُلِدَ فيها؟ علماً بأن مدينة الناصرة تأريخياً وجغرافياً لم يرد لها أي ذكر في أسفار الكتاب المقدّس العهد القديم, ولا في الوثائق المصرية أو الآشورية أو الحثيّة أو الآرامية أو الكنعانية أو الفينيقية, ولم تُذكر في تواريخ يوسيفوس المؤرخ اليهودي الذي كان قد عدّدَ جميع مدن فلسطين والجليل وبلداتها وقراها, بينما أثبتت الحفريات بأن أول ظهور لهذه المدينة الصغيرة كان في القرن الثالث الميلادي.
(وفى النسخة الكاثوليكية الجديدة – للآباء اليسوعيين – للكتاب المقدس، العهد الجديد، طبعة 1989، تقول في الصفحة 40، حاشية رقم 14، في شرح عبارة “أنه (أي المسيح) يدعى ناصريّاً” (متى 2: 23)، تقول بالحرف الواحد
“ناصرياً: يصعب علينا أن نعرف بدقة ما هو النصّ الذي يستند اليه متى. فاللفظ المستعمل لا يدلّ على أحد سكّان الناصرة! ولا على أحد شيعة الناصريّين).
وطبعاً المسيح الذي تتلمذ على يدي الناصورائي يهيا يهانا كان يُردد هذه العبارة ليُشدد على كونه قد أخذ المعرفة والتعاليم الناصورائية السرّية, وهي التي تُتيح له التواصُل مع الوَحي الإلهي.
وبقي قسم من أتباع المسيح يؤمنون بعقيدة المسيح الأولى وهي التوحيد وليسَ التَثليث والذي كانَ قَد أُقرَّ في القرن الرابع الميلادي تحت سَطوة الإمبراطور الروماني الوثني قسطنطين, وكان المسيحيون الموحدون يُسمَونَ بالناصريون أو (الآريوسية) أو (الأريانية) نسبة إلى آريوس أو (السوسنيانية) نسبة إلى سوسنيان, ولكنهم وُصِفوا من قبل الكنيسة الملكية الرومانية بالهراطقة ولاقوا الأمرّين نتيجة لذلك, وبقي أتباع هذه العقيدة المسيحية التوحيدية موجودين على مر العصور في أوروبا, بشكل علني أحياناً أو مستتر أحياناً أخرى خوفاً من أصحاب عقيدة التثليث وهم الكاثوليك والبروتستانت والآرثذوكس.
2- هُنالك سؤال وهو لماذا سافر المَسيح واصطبغ على يَدي يهيا يهانا, وشَهَدَ هو بذلك وشَهِدَ عليهِ الجميع, فلو لم يكن يَعترف بهذا الطقس وبأهميته ليكون ناصورائياً لم يكن ليفعله! فلن تجد أحد المنتمين لديانة معينة وهو يؤدي طقس ديني مُهم لديانة أخرى إلا إذا كان يتبعها حقاً, أو يريد أن يتبعها فهو يسعى خلف رجال الدين الذين يقدمون تلك الطقوس ويَتَتلمذ على يَديهم, وذلك بأن الصباغة (يسميها المسيحيون بالتعميد) هي أهم طقس يجريه المندائيون لأبنائهم بصورة حصرية, وهو ليس بالغطس في الماء فقط وإنما لكي يتم وَسمَهُم باسم ملك النور السامي الواحد الأحد الحيُّ العظيم ويشهدون بالتوحيد له, وبعد ذلك يقرأون عليهم التراتيل والصلوات المندائية, ومَن لا يصطبغ لا يكون مندائياً حتى لو وُلِدَ من أبوين مندائييَن. وطبعاً فأن الطقوس المندائية هي الوحيدة التي تعتمد الصباغة في الماء الجاري من بين باقي الأديان, وهذا لوحده ينفي صفة اليهودية عن المسيح, ولو كان يهودياً وأختلف معهم بالتعاليم لم يكونوا ليقتلوه بعد تعميده على يدي يهانا بسنوات قليلة, ولكنه حقد اليهود على المندائية. وبقي أتباع المسيح على طقس التعميد بالماء بعد وفاته (الماء غير الجاري).
ونجد في الكتب المندائية بأن يهيا يهانا كان قد رَفَضَ أن يَصبُغ المَسيح في البَدء, وحتى أِختَبَر حِكمته ومَعرفته بالتعاليم المندائية اللاهوتية فسأله بعض الأسئلة الفقهية (مصدر7), ولكن لو كان المسيح مندائياً فقط ويرغب بالصباغة فلم يكن يهانا ليختبر معلوماته وحِكمَته وذلك بأن جميع المندائيين لهم الحق بأخذ الصباغة من رَجُل الدين المندائي, ولكن هكذا اختبار وإعلان عام واحتفال يخضع له فقط الشواليا (الطالب لدرجة كهنوتية) وهو الأمر المُتَّبع في تَكريس رِجال الدين المندائيين ولغاية الآن.
(أما في الإنجيل فتكون الرواية المكتوبة ( 11 ) كتب متى في [ 3 : 13 ] ما نصه : (حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن، إلى يوحنا ليعتمد منه، و لكن يوحنا منعه قائلاً: أنا محتاج أن أعتمد منك و أنت تأتي إلي؟ فأجاب يسوع وقال له اسمح الآن لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل برٍّ، حينئذ سمح له. فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء، و إذا السماوات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة و آتيا عليه و صوت من السماوات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت)).
3- (3: 2 توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات وهي كلمات يوحنا المعمدان وكررها المسيح (متى 4: 17)) وطبعاً كثير من المبادئ التي قال عنها المسيح, موجودة أصولها وشروحاتها الأساسية في الكُتب المندائية (مصدر8). وليس فقط المبادئ المندائية التي كان يقول بها المسيح قد أُخِذَت وإنما حتى الفلسفة المُباشِرة, مثل عَلَمْ يهيا يهانا وهو الدرابشا أو درفش الضياء (مصدر9) والذي يستنير به الأثريون والملائكة حسب الفلسفة المندائية, والذي كان المسيح قد أخذه منه دلالة على ناصورائيته فلا يجوز لأي رجل دين مندائي أن لايكون لديه درافشا ولاتجوز أي صباغة بالنهر من دون وجود الدرافشا, ولكن الذين حرفوا المسيحية حولوه إلى علم يرمز للموت, بعد أن نزعوا الأجزاء الرئيسية منه تدريجياً وهي (أغصان الآس السبعة , وغطاء الحرير وهي حُلّة الضوء (الأصطلا), وحلقة الذهب وخيوط الحرير الأربعة والتي ترمز للتاج, وتركوا هيكل الدرافشا فارغاً وهو عمودين متقاطعين وقالوا بأنه رمز لموت المسيح! ولو كان المسيح قد مات بالسيف أو الرُمح فهل كانوا ليقدسوا السيف والرمح كما يفعلون الآن للصليب؟ ولكنه علم المسيح وليس رمز موته! وكذلك تعظيم يوم الأحد الذي توجد حوله الكثير من الفلسفة المندائية والصلاة الخاصة بغفران الذنوب مع ملاك الأحد, والذي كان المَسيح يُعظّمه أيضاً ولكنهم لم يعرفوا لماذا كان الأحد مُقدّس بالنسبة للمَسيح, فكلٌ فسره على هواه, ولكونه على النقيض من اليهودية والتي تُقدّس يوم السبت ليستريح فيه يهوه, بَعد أن خَلقَ العالم حسب روايتهم للخليقة, والتي هي أصلاً مسروقة من أسطورة الخلق السومرية وتفرعاتها وصولاً لأسطورة الخلق البابلية الإينوما إيليش (مصدر10).
4- إن المُعجزات التي نُسِبَت للسيد المسيح (مصدر11) هي بعض الحالات التي تتعلق بشفاء المرضى, إحياء الموتى, تبصير العميان, السير على الماء, طرد الشياطين, صيد السَمَك الكثير, إشباع خمسة آلاف شخص بخمسة أرغفة وسمكتين. ولو بحثنا في الكتب المندائية عن مثل هذه المُعجزات, فسوف نجدها قد تمثلت في كثير من المختارين الصالحين ومنهم من كان بمرتبة الملائكة, ولكنها تتحدث عن إحياء (أرواح) الناس الذين كانت أرواحهم قد ماتت لأنها لا تعرف الإيمان بالخالق الواحد الأحد العَظيم, أو أن تلك الأرواح كانت قد مرِضَت لأنها لم تعرف الطريق القَويم للإيمان فسقطت في أيدي الشياطين أو إنها كانت عمياء ولا تُبصر نور الحي العظيم, أو إنها خرساء لا تُسبّح للحي العظيم أو هي صمّاء لا تَسمع تعاليم الحي العظيم, وكان الذين كتبوا الأناجيل قد أشاروا لهذه النقاط ولكن الذين نقحوها بعد المسيح بقرن من الزمان, وبعد أن كان اليهود قد قتلوا جميع المندائيين الموجودين هناك, وهَرَب البعض منهم إلى حرّان ومنها إلى مملكة ميسان المندائية, وتحت ضغط الوثنية الرومانية التي كانت مُسيطرة وعنيفة لم تكُن فلسفتها تَعرف تفسير لهذه الأقاويل والروايات التي كانت تُذكَر عن المسيح, ولهذا فهم لم يأخذوها بمعناها المجازي وكما هو مُتّبع في الفلسفة المندائية الباطنية, وإنما حولوها إلى مُعجزات دنيوية ولكي تتماشى مع الديانة الوثنية القائمة على مُعجزات الآلهة في الحياة الدُنيا, وحتى تزاوجها مع البشر!!
فيما يلي نستعرض بعض الفلسفة الكامنة في الكتب المندائية المُقدّسة, خلف ذكر تلك المُعجزات عن السيد المسيح والتي لم تُفسرها الأناجيل وإنما البسوها حكايات أسطوريّة:
4.1 فيما يخص شفاء المرضى فنجد في كتاب تعاليم يحيى بن زكريا (دراشا اد يهيا) نجد نَص (مصدر12) يقول فيها يهيا يهانا
* ” تنقّلتُ بين الأجيال والعوالم مراراً, حتى وصلتُ إلى باب أوراشلام, وضعت كرسياً وجلستُ عليه, ثم تكلمتُ بأسرار الحِكمَة. أوراشلام موصودة بابها بالقضبان والمزاليج, من كلامي وتوضيحاتي فُتِحَ الباب المُقفل ورَكَلتُ القُضبان والمزاليج. أُنيرت أوراشلام ببهائي وتعطرت كُل البساتين, أولئك الذين رائحتهم نَتِنَة تعطروا بأريج بساتيني. العميان فتحوا عيونهم, والمجذومون شُفيوا, الخرسان والطرشان (الصُم والبُكم) فَتحتُ لأفواهِهِم الكَلام, المعوقين مَشَيتَهُم على أرجُلِهِم وعلى مَد البَصَر”
وطبعاً فإن يهيا يهانا كان يتماشى بهذه الفلسفة عن هداية الناس لطريق الحق, مع نصوص كثيرة من الكُتب المندائية وخاصة الكنزا ربا والتي تتحدث وتُركز على شفاء أرواح الناس المريضة أو الضالّة, وذلك بأن الدُنيا الفانية لا تأخُذ الأولوية لديهم.
وكان يهيا يهانا نفسه, يُحاكي فلسفة الملاك أنُش أُثرا والذي كان هو نفسه قد ذَهَبَ إلى أوراشلام ليهدي اليهود قبل زمن سُليمان بن داود (مصدر13) حيث يُذكَر في كتاب الكنزا ربا اليمين
* “يأتي أنُش أثرا ويذهب إلى أوراشلام, ويرتدي ملابس من الغيوم المائيّة, وتكون بمثابة الجَسَد, ولكنها ليست من نوع الملابس الإعتيادية. وهو لن يكون متحمساً أو غاضباً. وسيأتي بعصر بيلطوس ملك العالم. إن أنُش أثرا قد أتى للعالم بقوة ملك النور السامي, ليشفي المرضى ويُبصِر العميان ويُطهّر المجذومين ويُشفي العاهات ويُمشي المُعوقين ويُنطِق الصُم والبُكم ويُحيي الموتى” الكنزا ربا اليمين
إن الملاك أنُش أثرا هو أحد الملائكة الثلاث هيبل وشيتل وأنُش, وهم كانوا قد أُنزِلوا لعالم البَشر مُنذ وقت آدم ,وهُم يُزرِعَونَ في رَحِمِ أُمّهاتهم من دون نُطفة الأب (مصدر14)
* “بينما كان آدم بَتولاً ولم يَقترب من حواءَ زَوجته, صارَ لها صبيٌ صَغير, فتَعجّبت وقالت: كيف ولم يكُن قد زُرِعَ من بَذرة الرَجُل في الرَحَم؟ وعَلامات الحَمل لم تَبدو عَليها. كان صَوته قَوي ورَخيم وكَلامه قَويم وسُميَّ هيبل بن آدم الذي من حوّاء صار” الكنزا ربا اليمين
وكذلك كان الحال لبنات آدم وحواء فلم يكُنَّ يَتَزوَجن من الإخوة, وإنما يأتي لهُنَّ السِّرُ من المَلأ الأعلى
* “وكان السِّرُّ يأتيهنَّ من الملَأ الأعلى .. كلَّما تَجلَّى, حَملَتْ إحداهُنَّ حَملا .. فازدادَ العالمُ وَرَبا.” الكنزا ربا اليمين ص192
4.2 إنَّ جميع التعاليم المندائيّة هي في سبيل الحياة التي تتم بعد أن تُحاسب روح الإنسان, فإذا كانت أعمالها الصالحة أكثر من ذنوبها فإن هذه الروح سوف تتحد مع النشماثا (النَفس) النقيّة والتي أتت من عالم النور وكانت قرينة للروح في الجَسَد, وهذه هي الحياة الأزلية والتي تتركز الفلسفة والتعاليم المندائية عليها, وأمّا الذين تكون أرواحهم غير نقيّة ومُذنبة بمُحصلة أعمالها, فلا يتم الاتحاد لها مع النشمثة وعندها تموت تلك الروح وهو الموت بالمفهوم المندائي, وهؤلاء ذوي الأرواح الميتة هُم الذين يظلمون ويرتكبون المعاصي ويَكفُرون وهُم الذين تتم الإشارة لهُم بالموتى, ولكن في حالة أتاهُم رسول الحي وسَمِعوا نِدائه وتابوا وعملوا الصالحات بعدها وكَفّروا عن ذنوبهم فإن أرواحهُم سوفَ تحيا, وهذا ما تتم الإشارة إليه بأن رسول الحَي قد أحيا الموتى في النصوص (مصدر15).
4.3 فيما يخص صَيد السمك الكثير الذي رواه عن المسيح كتبة الإناجيل, فنجد مجموعة من النصوص في كتاب تعاليم يحيى بن زكريا, وهذه النصوص تتحدث عنه بكونه صياد ينتقي أسماكه ولا يأخذ إلا تلك المُتطلعة لعالم النور فهو صياد للأنفُس, وهُنالك أربعة نصوص عن الصيّاد هذا أحدها (مصدر16)
4.4 لقد كانت هُنالك نصوص في الأناجيل تتحدث عن المسيح بكونه الراعي الصالح ((أنا هو الراعي الصالح، الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف). يوحنا (10/11))
وكذلك فنجد مجموعة من النصوص المُشابهة في كتاب تعاليم يحيى بن زكريا حول كونه الراعي الصالح الذي يرعى الخراف ويُحافظ عليها, في سبيل أن تبقى مُتمَسِكة في إيمانِها, وهذا أحد النصوص منها (مصدر17)
4.5 إن عملية طرد الشياطين, لها الكثير من الأدعية والصلوات (البوث), وهي بمثابة العمل الرئيسي لرجال الدين المندائيين, وهُنا لا يتسع الموضوع للتعمق بهذه البوث بسبب كُبرها واتساعها.
4.6 (مت 14: 25، مر 6: 48، يو 6: 19 سير الرب يسوع على الماء)) فيما يخص السير على الماء فهي صفة للملائكة وهُم هيبل وشيتل وأنُش والذين هبطوا لينشروا أسم الحي العظيم وتعاليمه, وليُساعدوا المختارين الصالحين لكي يصعدوا لبلد النور ويقاوموا الأشرار وأتباع الشيطان, والذين كانوا قد سلطوا عليهم وعلى الجنس البشري الفناء بالسيف والوباء وبعد ذلك بالنار وبعد ذلك بالطوفان, ولكنَّ مندادهيي كان يحمي هؤلاء الملائكة الثلاثة فلم ينل منهم السيف ولا أحرقتهم النار ولم يغرقوا بالطوفان, لأن سيور صنادلهم لا تغرق بالماء (مصدر18) “الرجال الذين لم يؤخذوا بالسيف ولم يحترقوا بالنار ولم يغرقوا بالطوفان, وسيور صنادلهم التي بأرجلهم لا تغطس في الماء” كتاب الأدعية والصلوات.
4.7 هنالك معجزة أخرى وهي إشباع خمسة آلاف شخص بخمسة أرغفة من الخُبز وسمكتين (”الخبز الحي الذي نزل من السماء الذي مَن يأكله يحيا إلى الأبد“ (يو 6: 51)) وطبعاً هذا جزء رئيسي من الطقوس المندائية وهو تناول الخُبز المُقدّس والذي يُسمّى (البُهثة) مع الماء المُقدّس ويُسمى (المَمبوهة), حيث يَعجن رجُل الدين الطحين بيده من ماء جاري ويقول الأدعية عليه ومن ثم يشويه بالنار, ويخزن الماء بقنينته ومن ثُم يقتطع منه قطعاً صغيرة, ويُشرك الجميع معه سواء كانوا مئات أم آلاف من الأشخاص فكل واحد يحصل على قطعة صغيرة, والسمك هو الوحيد من بين اللحوم الذي تُعمل به الوجبة الطَقسية (اللوفاني) من قبل رجال الدين المندائيين لأنه يُعتبر من ثمار البحر بالنسبة للمندائيين, وأما مَن الذي شَبَعَ ومَن الذي لم يشبع فوحده الله يعلم بذلك؟
وحيث أنّ هذا البحث هو تعريفي ضمن هذا الكتاب ولكن في بحث تفصيلي من الممكن أن نُبين حتى التفاصيل الأخرى, والتي أُخذت من المندائية كفلسفة ونصوص وتعاليم.
سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ
المصادر
1. كتاب الصابئة المندائيون, دراور
2. مقالة: من سومر إلى التوراة.. الحضارة السومرية والبابلية كانت ملهمة للعبرانيين, سماح عادل
3. مقالة: جميع مخطوطات البحر الميت في متحف الكتاب المقدس مزيفة، By Brigit Katz
4. مقالة: تزييف الكتاب المقدس, أ. د. زينب عبد العزيز
5. مقالة: لن أصدقه حتى لو سمعته مجدداً , فهد عامر الأحمدي
6. مقالة: حول الناصرة وميلاد يسوع,
7. كتاب تعاليم يحيى بن زكريا, نَص تعميد السيد المسيح
8. كتاب تعاليم يحيى بن زكريا, نَص استيقظوا لقد وَضَح الدرب
9. صورة الدرفش (الدرابشا) المندائي
10. اثر الكتابات البابلية في المدونات التوراتية, لبيب ناصيف
11. مقالة: معجزات السيد يسوع المسيح, دائرة المعارف الكتابية المسيحية
12. كتاب تعاليم يحيى بن زكريا, نَص شفاء المرضى
13. كتاب الكنزا ربا اليمين, أنُش أثرا
14. كتاب الكنزا ربا اليمين, ولادة هيبل بن آدم
15. كتاب الكنزا ربا اليمين, نَص رسول النور
16. كتاب تعاليم يحيى بن زكريا, الصيّاد الملاك
17. كتاب تعاليم يحيى بن زكريا, الراعي
18. كتاب الأدعية والصلوات, ترتيلة ريها اد بسم