“لا تَقرَبوا الملوكَ والسَّلاطينَ والمَرَدَةَ في هذا العالم، ولا تَثِقوا بهم .. لا بأسلِحَتهم، ولا بحشودِهم (١٢١) ولا تَلْوُوا أعناقَكم للذَّهبِ والفضَّةِ التي يَكنِزون (١٢٢) إنَّها سببُ كلِّ فِتنَة (١٢٣)” الكنزا ربا اليمين ص١٥
لاشك بأن الإيمان بالقلب، وأنّ الحيّ العَظيم وحدهُ يعلمُ مافي القلوب.
ولكننا في مُجتمع تُسيطر عليه الأفكار العلمانية وفيها يكون الشخص الذي يُجاهر بإيمانه، تحت الهجوم المُستمر من العلمانيين الذين يستشهدون بالقتل والخراب والدمار الذي تسببت به الحركات السياسية ذات الهيئة الدينية وعلى مدى آلاف السنين.
وكذلك فهؤلاء العلمانيون يتندرون على الجهل الذي يُغلف كثير من تلك الحركات السياسية الدينية، ولأن أصحاب تلك الحركات يربطون العلوم الدنيوية جميعها بكتبهم الدينية وكما يربطون كُل شيء آخر في الحياة بها، وهذا بسبب تقوقعهم وإكتفائهم بتلك الكُتب والفلسفة التي لاتتطلب منهم إعطاء جُهد آخر غيره للتعلُّم بجوانب أخرى من الحياة، ولأن الغرض هو التحشيد السياسي والجماهيري مستخدمين الغطاء الديني، وليس الغرض هو الخلاص والحكمة والعرفان لمجموعتهم.
وفي خِضمْ هذه الأزمة الخاصة بتفشي وباء الكُورونا، أصبح هُنالك من يحاول أن يتندّر حتى على المندائيين المتدينين، وبأن رجال العِلم هُم وحدهم الذين يَحظون بالإهتمام عند حصول المشاكل الحقيقية في الدُنيا، وعلى عكس رجال الدين الذين لاينفعون فيها!
أنّ حالات الجَهل والدَمار والقَتل التي ذكرناها، والتي رافقت مسيرة الحركات السياسية ذات الصبغة الدينية وعلى مر العصور، هي لاتنطبق على المندائيين، ولأن المندائية تُحرّم العمل السياسي والسعي في سبيل السُلطة، وهي تتخذ من الحكمة والعرفان والتعلّم منهاجاً لها، وهَدَف الكُتُب والتعاليم الدينية المندائية ليس دنيوياً، وإنما هو تنقية النشمثا ومساعدتها في عروجها نحو عالم النور بعد أن ينتهي أجلها في هذه الدنيا، وذلك بعد أن يتم أختبارها وتعليمها في هذا العالم الفاني.
وأبداً لم تكُن هُنالك طموحات سياسية للمندائيين. ولم يحاولوا حتى التصدي للأقوام التي أحتلت أرضهم بل تركوها وأبتعدوا ولأنهم لايُقاتِلون ولايَقتُلون، فلا يصعد للنور كُل من قَتَل نفساً أو عذّبها.
كما وليست هي مسؤولية الكتب الدينية المندائية، بإيجاد الأدوية أو ذكر انواع الطعام والشراب الذي يفيد الجسد أو حتى أعطاء الرأي بالأمور الدنيوية الأخرى, فهي تعاليم هَدَفها الآخرة وليس الدُنيا.
ولكن هذا الخلط وكما ذكرنا قد أتى من تلك الحركات السياسية التي تتخذ الدين غطاءً لها، وحاشا للمندائية من هذا الخلط، فالمندائية تدعوا للسلام وللعِلم والتَعَلُّم في هذه الحياة وهذا على مستوى عامة المندائيين، وأمّا المؤمنون المندائيون ورجال الدين الذين لايَتَعلمون ولايُعلِّمون فأنَّ جَزائهم الحِرمان من عالم النور.
أنَّ الإلتزام الديني ليس بالأمر الهيّن على من لم يَعرف الإيمان ولم يُجربه، ولكن الإنسان يمر بمحطات كثيرة وعليه أن لايستعجل الحُكم على المفاهيم قبل تجربتها بنفسه!
” سيمات هيي …
أوضحتُ للترميدي وقُلتُ لهُم:
بأن الكَرمَة التي تَحمل براعم وأغصان سوف ترتفع.
والتي لاتَحمل هُنا سوف يُحكَم عليها.
الذي يبحث ويتعلم سيرتفع مُتطلعاً لموطن النور.
والذي لايبحث ولايتعلم سوف يسقُط في بحر النهاية العظيم.” دراشا اد يهيا
سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ