سِر الحَياة المُلوّث.. بالمَجّان
“ثمّ نوضّح لكم أيُّها المُختارون الصالحون :
حَصِّنوا أنفُسَكُم وأبناءكُم وزوجاتكُم وأغراسكُم وخُبزَكُم وماءكُم, فلا يُخيفكُم الشّرْ” الكنزا ربا اليمين
لقد كان موضوع التَسمُّم بالطعام والشراب هاجساً لدى الشعوب القديمة وصولاً إلى عصرنا الحالي, وحيث أنّ السموم الطبيعيّة التي تُستخرج من الطبيعة ومن أنواع مختلفة من النباتات وأنواع الفطر كانت معروفة ومُنتشرة, وكان يتم بواسطتها أستهداف الأشخاص ذوي المكانة العالية مثل الأسكندر المقدوني والنبي مُحمد وكثير غيرهم, وذلك وفق الصراع الأزلي حول الثروة والسلطة, الذي يُحرّكها أرذل الصفات البشريّة وهو الطَمَعْ.
ولهذا فكانت التعاليم الدينيّة لرجال الدين المندائيين مُشددة بخصوص عدم تناول الطعام والشراب إلا من المصادر الطبيعيّة وأن يقوموا بأنفسهم بزراعة مأكلهم فقد كانوا نباتيين بدرجة كبيرة رُغم تناولهم للأسماك, ولهذا فسَموهم النَبَط وتعني البراعم والنبات, وكذلك كانوا يَجلبون مائهم من النهر بنفسهم, وكان الكنزبرا على سبيل المثال لا يتناول حتى الخُبز إلا من عَمَل يَديه, وذلك بعد أن يَكون قد طَحَنَ الحُنطة والشَعير بنفسه, وهذا لأسباب روحانيّة وأمنيّة.
وفي عصرنا الحالي, وحيث أن هنالك ضَريبة نَدفعها جراء التطوّر وهي التلوّث الصناعي الكبير للبيئة, حيث أنتشرت المُلوثات بأنواعها السامّة في التُربة والماء والهواء وفي داخل جميع المخلوقات, ودَرجتها تَختلف من مكان لآخر.
وبسبب الحروب فأن المندائيين وكثير من المُهاجرين الشرقيين قد أستقرّوا في البُلدان الغربيّة المُتطورة الآن, وفي حين أنهم أولوا أهتمامهم لمعرفة أنواع الطعام الصحي والبحث فيه, ولكنهم قد نَسوا بأن جودَة ماء الشُرب أهم من جودة الطعام, وتأثيرها على الإنسان أكبر بكثير ولأن 70% حوالي من أجسامنا هو ماء, ويستسهل الجميع الشُرب مُباشرة من ماء الصنبور مُعتقدين بأنه آمن تماماً, ولكن هذا الكلام خاطئ!
فهنالك العشرات من المواد الكيميائيّة التي تُضاف للمياه الواصلة للبيوت في الدول الغربيّة. وبعض هذه المواد هي لمُقاومة البكتيريا المتولدة بسبب الأنابيب التي أعمارها قد تَصل لأكثر من نصف قرن, وكذلك كمُعقمات عامّة مثل الكلور ومُطيبات ومُكملات. هذا فضلاً عن كون بعض المصادر المائيّة هي نَفسها مُلوّثة بسبب التلوّث والذي كان على أشدّه في هذه الدول خلال ثورتها الصناعيّة, والتلوث المُستمر بالأسمدة الزراعيّة. وجميع هذه المواد تذهب للخزانات الطبيعيّة الكبيرة للمياه الجوفية, والتي تَعتمد مُعظم الدول في أوروبا مثلاً عليها.
أما أخطر ما يأتي من ماء الإسالة فهو التلوّث بالمعادن الثقيلة, وهذه يكون تأثيرها على الدماغ بصورة مُباشرة حيث تُسبّب الشعور بالكآبة والضيق والنسيان والأرتباك لدى بعض الناس من الذين يكونون أكثر تَحسُساً من غَيرهم. ولا يستطيع الجسم التخلّص منها بسهولة, ولكن وُجدَ بأن بعض الخضروات مثل الكزبرة تتحد معها وتُخرجها.
ونتحدث بالنسبة للأشخاص الأصحّاء من الذين لم يختبروا هذا الشعور سابقاً في بلدهم الأصلي, ولكن بدأت لديهم هذه الأعراض بعد بضع سنوات من الهجرة, فربما يَحتاجون أن يُجرّبوا الاعتماد على مياه طبيعيّة مُعبّأة من السوق, وكذلك بتناول الخُضار الورقيّة الطازَجة بكثرَة ولبضعة أسابيع.
أنّ ماء الشُرب هو الأساس الذي تستخدمه شركات تربية الحيوانات, لغرض إعطاءها المضادات الحيويّة وللسيطرة على نموّها ولجعلها هادئة, فيَضعون فيه جَميع العقاقير الطبيّة وتشربه الحيوانات مُضطرّة.
ولانقول بنظرية المؤامرة هنا! ولكن نؤكد بأن العِلم الحالي لا يعرف مضار مُعظم هذه المواد الكيميائيّة الخطيرة التي يُضيفونها لمياه الشُرب, وفي حالات أخرى يَتجاهلون مخاطرها بسبب عدم وجود البَديل لتغييرها.
نتمنى للجميع الصحّة والعافيَة.
سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ