الكموج المؤدلج تابع المُستشرقين
* مما يُروى بأن أحد الناس كان قد سأل الإمام الإشبيلي أمام الناس فقال له ماهو الكموج؟
فسأله وأين قرأته ؟ فردَّ في قول أمرؤ القيس
”وليلٍ كمَوجِ البحر…”
فأجابه : الكموج هو دابّة تقرأ ولا تَفهم.
* “لا تكُن ملكياً أكثر من الملك”
وكان قد شاع في أوروبا خلال عصور الثورات ضد الملوك وسُلطاتهم الفاسدة أن ينبري بعض الناس للدفاع عن الملكيّة بشدّة, وهُم عادة من المُتنفّعين أو من جماعة الكموج الذين يؤدلجهم ذلك النظام أو ممن يُقدمون الإنتماء العقائدي والقومي على أي شيء آخر.
وفي وقتنا الحالي صحيح أننا نعرف بوجود بعض المُندسّين من الذين يَعمَلونَ مع المندائية بالعَلَن, ومع الجهات التي تُريد أن تستولي على الأرث المندائي بالسرّ, وهُم نسبة قليلة وكُنا قد كتبنا عنهم سابقاً (مصدر1).
ولكن أيضاً يوجد مندائيون من جماعة الكموج وهُم بنسبة أكبر, وحيثُ أن هؤلاء لا يقتصر تشخيصهم على مَن لم يكُن فصيحاً, وأنما لدينا أشخاص يَصفون أنفسهم بأنهم مُثقفون! ولكنهم وللأسف فقد تَمّت أدلَجَتهم فأصبحوا يُرددون فقط ما كَتَبَه المُستشرقون عن الدين المندائي ولا يفهمون غيره, وأنّ هؤلاء أصبحوا مُتعصبين لتلك الكتابات أكثر من المُستشرقين أنفُسهم! وينظُرون إلى الدين المندائي وفق التفسيرات اليهودية والمسيحية والتي كان باحثوها مُهتمين على وضعها بصورة لا تُعارض التوجه العقائدي للمؤسسات الدينية التي بَعَثَتهم وكلفتهم بمتابعة المندائية. أنَّ مُعظم هؤلاء الكموج لا يُجرون البحوث بأنفسهم بقدر أقتباسهم لما كتبه المُستشرقون وترجمته للعربية والدفاع المُستميت عنه, ويتصورون بأن معرفة اللُّغة الإنكليزية هي ميزة خاصّة بهم وحدهُم!
أنَّ أهم ميزة للبحث العلمي: هي المُقارنة بين عشرات ومئات المصادر حول كُل فكرة ومعرفة الإختلافات بينها والدوافع حول كتابتها, ونحنُ المندائيون لدينا كُتُبنا المندائية الأصليّة كمصدر أساسي للبحوث وليس ما كتبه المُستشرقون عنها.
بالتأكيد فأن دراور أبنة القَس المسيحي كانت قد أهتمّت بالمندائية ليس فقط بدافع الإهتمام وإنما لأنه أصبح لديها مورد منها, ومع ذلك فهي كانت تَتحلّى بالموضوعية والمصداقية وحسب مستوى فهمها للدين المندائي في ذلك الوقت, ورُغم وجود قصور وأخطاء لديها وهي تكوينها الصورة المُسبّقة عن المندائية وتأثرها بمن كَتَبَ قبلها حول الموضوع وكذلك فأن الذي يَنقُل الحَدَث لا يعرف تفاصيله مثل صاحب الحَدَث, ولكننا هُنا لا نقصدها ولأن توثيقها كان ذو فائدة كبيرة للمندائيين.
وأمّا ليدزبارسكي اليهودي الألماني والذي بذل جُهداً في ترجمة الكنزا ربا عام 1925, ورُغم أن التَرجمة أفادت عامّة المندائيين من غير الباحثين فقط بعد عام 2000 ولكن أفكاره وكتاباته عن المندائية لا تخرُج عن سياق كونهم من الطوائف الغنوصية الحديثة وأنّهم منشقون عن المسيحية (مصدر2&3), وحتى أنَّ تَرجمته في بعض من المواضع يتم بها تحريف المعنى وخاصة في ما يتعلق باليهود, وطبعاً هو كان قد ترجمَ مستعيناً بترجمة ماثيو نوربيرغ السويدي عام 1813 وبيترمان 1867.
الذي أوَدُ قوله هو أنّ المندائية كفكر وفلسفة وديانة عَظيمة, لن يعود لها الألق إلا بعد أن يَستلم أبنائُها المُبادرة, فيُقيّمون تَفسيرات وتَحليلات المستشرقين والمُهتمين ويقبَلون ويَرفضون تبعاً لما موجود في كُتُبهم الدينية وفي المصادر الرصينة المُحايدة. كما وأدعو أولئك الكموج أن يخرجوا من عباءة المُستشرقين الكنسيين والتوراتيين وأن ينفُضوا عنهم ذُل الخنوع والتبعية الفكرية المُستسلِمة.
سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ
المصادر
1. مقالة: الحَذر من الإسرائيليين والمدسوسين، سنان سامي الجادر
الحَذر من الإسرائيليين والمدسوسين
2. مقالة: ليدزبارسكي والگنزا واليونان، أسامة قيس مغشغش
ليدزبارسكي والگنزا واليونان
3. مقالة: كيف يوصف هيبل زيوا بالحذاء؟! أسامة قيس مغشغش
كيف يوصف هيبل زيوا بالحذاء؟!