الحرب الوهميّة لأشعار الگوالات
“في المرة الأولى قلت للشيطان: أبتعد عن معارفي.
في المرة الثانية قلت للشيطان: أبتعد عن أحبابي.
في المرة الثالثة قلت للشيطان: لن أتركك أيها الشيطان.
سوف أقتل الشيطان قتلاً وأرميه في نهاية هذا العالم” كتاب الإنياني
الگوالة هي مهنة قديمة منذ العصر السومري وأتت من گالا السومريّة وتعني المغنيّة, وهي خاصّة بالنساء لتقديم أدب المراثي وتسمى أيضاً بالمرأة النائحة أو العدادة أو أم البكاء. حيث يتم تأجيرها خلال وقت الأحزان والمصائب لكي تُزيد من حالة الحزن والغضب فتؤلف لهم الأشعار لتهيّجهم وتصل بهم لحد الانفجار. وفي كتاب الكنزا ربا اليسار كانت الگوالة هي الروهة التي أتت إلى حواء بعد صعود آدم لكي تجعلها تلطم وتحزن, فأتى هيبل زيوا وطردها وعلّم حواء الصلاة على نشمثا آدم ومنعها من البكاء.
يُعد الثأر مُحرّماً في التعاليم المندائيّة ويُحاسب الذي يُفكر بتلك الطريقة ولن يكون من الكاملين. ولأن الحِقد هو الأساس الذي يدفع للثأر وليس تحقيق العدالة. فعندما يزداد الحِقد لدى الشخص الموتور تتعاظم لديه الرغبة بالانتقام فتصل للدرجة التي تدفعه لأن يسعى لألحاق الأذى بالمُعتدي أو بأقاربه حتى وإن كانوا أبرياء. وتلك الثقافة كانت موجودة في المجتمعات العربيّة البدويّة القديمة.
وحيث أنّ الأقليات من المندائيين والمسيحيين واليهود وغيرهم خلال الفترات التي تَلت الفتح الإسلامي للعراق مروراً بالحكم العثماني, كانوا تحت حماية العشائر العربيّة التي تمنع عنهم الأذى. وبالمقابل فهم كانوا يُساهمون ماديّاً في أحتياجات تلك العشيرة ضمن ما يُعرف بالجرش العشائري. ولهذا فقد انتقلت تلك الأفكار عن أخذ الثأر لدى المجتمع المندائي في ذلك الزمان.
لقد كنا قد بينّا تفاصيل جريمة قتل شيوخ العائلة المندويّة وإضعاف دارتهم (مصدر). وكانت هنالك عائلة تلطّخت أياديهم بدماء الشيوخ الزكيّة بسبب رفض الشيوخ أجراء الطقوس الدينيّة لهم. فقتلوا جدنا الشيخ عيدان في مزرعتهم المغلقة وفي يوم البرونايا وبعد ذلك بفترة قدّموا الرشى للحاكم العثماني الفاسد للقضاء على باقي الشيوخ من العائلة المندويّة العريقة, فاتّهموا الشيخ صَحَنْ وأبنائه بأنهم من أتباع ثورة حسن خيون الأسدي, وكما أتت تفاصيل ذلك الاتهام في المراسلات القنصليّة للأرشيف البريطاني. وبالتالي فقد قتلوا رئيس الطائفة الشيخ صَحَنْ في السجن مع أبنه جابر وشرّدوا باقي أبنائه إلى الأهواز, وهددوا المُتبقين من أبناء عمّهم بالقتل إن فتحوا تلك القضيّة أو اتهموهم.
وحسب تفكيرهم في ذلك الزمان ولكي يدفعوا عنهم مطالبات الانتقام التي قد تأتي من العائلة المندويّة وباقي العشائر المندائيّة بعد تلك الجريمة, فهم كانوا قد أستعانوا بخدمات إحدى الگوالات من أقاربهم ويسميها حفيدهم بالشاعرة!
وهذه الگوالة كَتبت لهم الأشعار التي تضع العداء بين شيوخ العائلة المندويّة وباقي العشائر المندائيّة, بل وحتى ضمن أفخاذ العائلة المندويّة نفسها ولكي يقطّعونها ويبعدونها عن أن تعود لتأخذ بثأرها, فيبعدونهم عن شيوخهم.
لقد كانت تلك الفِتنة التي كَتبتها الگوالة نائمة منذ ما يزيد عن القرن وربع, حتى بدأ المنبوذ الذي نَبذه أعمامه وأخوته, فأخذ يشهّر بأجدادنا طوال الفترة السابقة بتلك القصّة التي لم يكن يعلم بأنها ستنقلب وبالا عليه وتكشف تفاصيل جريمة أجداده. ثمّ أتى أحد الحاقدين على الدين المندائي وتعاليمه ولأنه لم يتمكن من تمرير أهدافه التي رسمتها له الصهيونيّة في أدخال أبنه للسلك الديني والسيطرة عليه, وأصبح هدفه لاحقاً نشر الفتنة في أطار سعيه لتدمير الدين والمجتمع المندائي. فأخذ القصّة من حفيد تلك العائلة وجمع معها كل الأوساخ من منشورات النميمة وتحريفات المستشرقين, ومن كل حدب وصوب وخاصّة ما كان منها يطعن بالدين ورجال الدين, فمن المعروف بأن الانتقاص من أية مجموعة دينيّة يتم عبر إهانة قادتها القدامى. ثم وضعها في كتب رخيصة تُحرّف تعاليمنا وديانتنا وجميعها تستند إلى مصادر شفويّة لا يوجد لها أي توثيق لافي الكتب الدينيّة ولافي أي مصدر محترم. وبعد ذلك جَمع الأشعار المسيئة والتلفيقات وبدأ بمحاولات ضرب العوائل مع بعضها البعض, عبر إثارتها في مواقع النميمة وتهييجها بعضها على بعض عبر وكلائه وسماسرته الذين يلهثون وراء الدولار, فبعضهم يمجد به وبعضهم يجمع له الكتب الدينيّة وبعضهم ينشر له الفتنة. وحتى أن جميع الخلافات بين رجال الدين الحاليين وداخل الطائفة مرتبطة بيده الخبيثة. أمّا هو فجميع تفاصيله الشخصيّة التي جعلت منه عدواً للمندائيين ولشيوخهم ومعها قصة عمالته لإسرائيل, هي موثّقة بالدلائل ومعروفة للجميع.
أنَّ من يُصدّق بأن حِقداً كبيراً مكتوباً بصيغة أشعار شعبيّة رَخيصة وإباحيّة وكتابات نميمة تافهة, قد أنتقل منذ ما يزيد على قرن ونصف بصورة شفويّة فهو واهم, وإنما هي من تأليف الذين لم تكن تجرى لهم الطقوس, وبعضها تمّ تأليفه في نهايات القرن الماضي من قبل آخرين ووضعوا فيها أسماء لعوائل معروفة, وذلك بسبب الحقد على سلالة الشيوخ النقيّة. فمَن كان يُريد أن يشرب ماء الروهة الملوّث الذي نَضَحَ به الإناء المكسور وقدّمه المتصهين الحاقد على الدين المندائي, فاليحذر من أن يتسمم به.
ومن جانب آخر فنحن نؤكد بأن أجدادنا كانوا شيوخاً لا يُجاملون بالدين وتعاليمه, لابالرشوة ولابالتهديد وقد تمّ فناء دارتهم لأنهم على هذا النَهج. فهُم لم يكونوا ليقطعوا مَهراً أولاً لغير المرأة الباكر بعد شهادة فحصها, ولم يكونوا ليَصبغوا أبناء الزواجات المُختلطة التي كانت تتم بالسر في ذلك الزمان وأحياناً بالغصب, ولم يُكرّسوا سوى المستحقين دينيّاً. ولم يتهاونوا مع المجرمين من المندائيين بحكم رئاستهم الدينيّة والدنيويّة للطائفة. أمّا مَن يَطعن بهم فهو يطعن بالدين المندائي وهو مُنحدر من تلك السوابق.
سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ
شيوخ السُلالة الناصورائيّة المندويّة