صِبغة عالم النور المندائيّة
تُمثّل الصباغة أهم طقس ديني للمندائيين, وأنّ الذي لم يصطبغ في حياته لا يُعتبر مندائيّاً حتى لو كان قد وُلد من أبوين مندائيين.
- “كلُّ من اعترفَ باسمِ منداادهيّي, ولم يصطَبغْ باليردنا, ولا وُسِم باسمِ الحيّ, يقفُ بعيداً عن الكشطا. ويعملُ بعيداً عن الصَّلاح.” الكنزا ربا اليمين طبعة بغداد
أنّ أصل طقس الصباغة هي أنها شريعة التوحّد مع الحياة التي كان منها كلّ شيءٍ حيّ:
- “آمَنت الحياةُ بصِباغَتِها الذاتيّة.. وآمنَتْ بكشطا .. فقَبَّلَتْ يَدَها اليُمنى.
قالَتْ : أنا الصَّابغَةُ الأولى.. المؤمِنَةُ بكشطا, وبهذهِ الصِّباغة.
كلُّ مَن آمنَ بي, وآمنَ بِعَدلي وبصباغتي, صارَ منِّي, وسَكنَ في منزلي.
كان منزلُها في المياه, وفي الحرارةِ الحيَّة.” الكنزا ربا اليمين طبعة بغداد
وأنّ الأثريين في عالم النور يصطبغون في اليردني ونَذكر أسفار الملاك هيبل زيوا, الذي صَبغوه في ثلاثمائة وستون ألف يردنا قبل إرساله إلى عالم الظلام الذي هو العالم الأرضي.
- “قُم لكي نَصبُغَكَ بثلاثمائة وستون ألف يردنا، ونُلبسُكَ ثلاثمائة وستون رداءاً وكساءاً” الكنزا ربا اليمين طبعة بغداد
وبعد ذلك أتت الصباغة مع التعاليم المندائيّة من عالم النور, حيث أنّ الماء الحيّ هو الرابط الذي أتى من عالم النور, ولهذا فلا تكون هِداية وكشطا ولوفا بدون الصباغة فيه.
- “أنتَ أيُّها الماءُ الحيّ: أذهب للخَرِبة (العالم الأرضي)
نادِ بصوتِ الحيّ.
وأجعل في البيت الأُلفة.
كُن مُعيناً للنشماثا التي اضطهدوها بسبب أسم المُعين.
سوفَ يَصطَبغون بكَ الصِباغةَ الحيّة.
وسوف يرشمونَ بكَ الوَسمَ الطاهر.
وتُخلّصهم من الآلام والأمراض التي تأتي من الشبياهي (الكواكب).” الكنزا ربا اليمين طبعة بغداد
وتكون أهميّة الصباغة بأنّ أسم الحيّ العظيم يُذكرُ فيها على المُصطبغ, وهو الوسم الطاهر الذي يوسَم في جباه المندائيين والذي هو وسم غير منظور, ولكنه الوسم الأنقى الذي يُسأل عنه الإنسان بعد أن يخرج من جسده.
- “اليردنا وضفتيه كانوا شهوداً لنشمثا.
الصباغة التي أصطبغت بها والبُهثا والكشطا والممبوغا شَهدت لنشمثا.
الأجر والصَدقة والصباغة شَهدت لنشمثا” الكنزا ربا اليسار
بقي أن نَذكر بأنه وفي ظل هذا الشتات المندائي الكبير والصعوبة الكبيرة للمندائيين في القيام بطقوسهم الدينيّة المُهمّة لأسباب متعددة, تتعلّق بعدم وجود معابد وعدم وجود شيوخ والتكلفة العالية للسفر مع العائلة وغيرها من المعوقات, فأن هذا جميعه يجب أن لا يكون مانع لمن كان لديه قلب مؤمن ويريد حقاً أن يسير على تعاليم دينه ويتقرّب من الحيّ العظيم, فعليه وبكل بساطة أن يذهب لأي نهر أو جدول أو بحيرة ويرتمس أو يطمش فيها إن كان ذلك ممكناً, أو أن يقوم بطقوس الرشامة والبراخة هناك فقط.
- “مَن وُسِمَ بوسم الحيّ, وذُكِرَ عليه أسمُ ملكِ النور وثَبَتَ وتقوّمَ بصباغته,
وعَمَلَ الأعمال الصالحة الحَسنة فلن يُقطع عليه الطريق في يوم الحساب” الكنزا ربا اليمين
ومَن كان قلبه غير ثابت للقيام بهذه الطقوس التي لم يمارسها ربما منذ بداية حياته, فنقول له بأن هنالك بداية طيّبة دائماً ولا ضير في تجربة ما كان يسير عليه أجدادنا وأهلنا منذ آلاف السنين, فلا يجب أن يخاف أي مندائي من الذهاب للنهر والتقرّب منه, فهي شريعتنا منذ الأزل.
سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ