لقد أقتُلِعَت جذورنا من موطننا, ولا يوجد أمل في العودة.
ووجدنا أنفسنا في بحر من الثقافات والأديان واللغات المختلفة والكبيرة, وطبعاً يقاومها بعضنا ويبقى على ثقافته وثوابته ودينه, بينما يسقط البعض الآخر فيها ولا يكتفي بتغيير ثقافته أو دينه وأنما يصبح عدوا لها ولأبناء جلدته.
هذه التحديات سوف تكون أصعب للأجيال القادمة وهم لايعرفون بلدهم الأم ولم يروه, هم فقط يسمعون الثقافة المعادية والمسيطرة في دول المهجر. وفي غياب واضح للقيادات المندائية القادرة على تثبيت نفسها وفرض أحترامها على جميع أبناء الطائفة, نجد أن التراشق والخلافات هي السمة السائدة في علاقات التجمعات المندائية فيما بينها وفي داخل كل منها.
ربما ليس لدينا شبيه ل (ال روثجايلد اليهود الأغنياء) ليكونوا المرجعية ورأس الحربة في الحفاظ على الهيكلية المجتمعية المندائية, ولكن كثير من أبناء الطائفة يمتلكون إمكانيات مادية وثقافية وعلمية وقبل هذه جميعها فهم يمتلكون الرغبة بإبداء المساعده الجدّية وبالتضحية بالوقت والمال, ولكن الذي ينقصنا فعلاً هو القيادات الفاعلة والقادرة على كسب أحترام التجمعات المندائية جميعها, وأيضا تمتلك خبرات براغماتية قادرة على التعامل مع الظروف المعقدة لدول المهجر.
نحن نحتاج الى قيادات من الجيل الجديد تفكر بالطائفة كعائلة واحدة مشتتة, وتُسخّر الإمكانيات المادية والقيادية, لأن هذا هو بيت القصيد ولا أقصد هنا الصَدَقة وإنما التكاتُف المجتمعي بين جميع المندائيين.
فماذا يحدث لو أن أصحاب الشركات والمصالح المندائيين كانوا يفضلون تشغيل العمالة المندائية على غيرهم, ولو أن أصحاب الأموال يفتتحون مشاريع ربحية تأخذ بالحسبان كفاءات المندائيين وإمكانياتهم, وخاصة إذا كانت هنالك كفالة لهم وعنهم من قيادات الطائفة, عندها سوف تقوى الأواصر وتترابط أكثر بين المندائيين وهم يشعرون بأن أبناء جلدَتهم يفضلونهم على غيرهم, وهذه عجلة تدور إلى الأمام مع الزمن.
وماذا يحصل إذا أعلن البعض عن أستعدادهم لأستقبال سواح أو زوار مندائيين من مدن وبلاد مهجر أخرى مجاناً أو بكلفة معقولة, عندها سوف تتعارف العوائل أكثر وتقوى علاقاتها.
وماذا يحصل إذا كانت هنالك لجان من الحكماء المندائيين في مدن المهجر الكبيرة لكي يتواصلوا مع العوائل ويساعدوا في حل المشاكل والتحديات أو حتى فقط للتعارف, وخاصة أنه يوجد الكثير من المثقفين المندائيين من كبار السن والمتقاعدين ولهم أحترامهم لدى الجميع, عندها سوف تصبح هنالك مرجعيات أجتماعية للطائفة في مدن المهجر.
وماذا يحدث إذا كان الأغنياء المندائيين لايبالغون بهذه الأعراس المكلّفة لأبنائهم وبناتهم ولايجعلون الشباب يتنافسون على أفخم عرس, وإنما يوجهون أبنائهم وبناتهم على تقوية جذورهم في بلاد الغربة بالأستثمار في مسكن أو مشروع بدل هدرها خلال ليلة واحدة, عندها سوف يتزوج المزيد من شباب الطائفة وهم يفكرون بالإدخار, ومن لم يكن معه فسوف يصبح حلمه بالزواج أسهل من دون كل تلك المتطلبات والشكليات غير الضرورية.
وماذا يحصل إذا تشكلت قيادة فاعلة تفكر بالطائفة كأنها عائلتها الصغيرة أو وطنها الكبير, ومع أحترامي للهيكلية الموجودة الآن ولكنها ليست فاعلة وغير كافية, لأن ثِقل الطائفة توزع على دول العالم ولم يعد ثقلها في الوطن وأيضاً لأنها تحتاج الى خبرات وكفاءات تنذر نفسها للنهوض بالطائفة, ولاتعمل بمستوى الموظف الذي ينتظر أن ينتهي دوامه, وإنما بمستوى قائد المعركة الذي يفكر بقومه وجيشه ليل نهار.
أنا شخصياً متأكد من أصالة أبناء الطائفة, ولكننا جميعاً ننتظر ذلك القيادي الشهم المضحي والذي يمتلك الإمكانيات المادية والقيادية ليبادر بتشكيل فريقه الذي يقود الطائفة وينتشلها من التشتت والضياع, مع أو بدون مساعدة من الهيكليات المندائية الحالية, لأن القائد الحقيقي هو الذي يقدم شيئأً وليس الذي يفوز بأنتخابات تعتمد على عدد الأصدقاء والمؤيدين.
حتى ذلك الحين, وفقكم الحي العظيم
سنان سامي الجادر