رُغمَ وجود أدلّة وشواهد كثيرة عن علاقة المندائيين الوثيقة ببلاد وادي الرافدين, وبكونهم خميرة عتيقة منها, ومعهم يُمكن تتبُّع التشابه الكبير مع طقوس السومريين الدينية وكهنتهم ومعابدهم وإعتمادهم على الماء كوسيلة رئيسية للطقوس (مصدر1&2), وحتى أنَّ لُغتهم المندائية هي آرامية شرقية خاصة بجنوب وادي الرافدين.
ولكن بعض الباحثين المُستشرقين لايزالون يحاولون أن يُحرّفوا الحقيقة السابقة, من خلال تنضيرهم لنظرية الأصل الغربي للمندائيين وبكونهم قد هاجروا من أراضي فلسطين وصولاً إلى وادي الرافدين, ولأن موضوع الأصل الرافديني للمندائيين سوف يقوض مزاعمهم حول التبعية المندائية للطوائف المسيحية الغنوصية, وسوف يخلق مشاكل للرواية المسيحية نفسها ومكان وزمان حدوثها, والتي كنا قد بينا بأنها تحتوي على الكثير من التحريف لغرض إلحاق المسيحية باليهودية (مصدر3)
وأمّا الباحثين المستشرقين ذوي المصداقية مثل الليدي دراور فكانت مؤمنة بأصل المندائيين الرافديني, وقالت في كتابها الصابئة المندائيون ص39 “بأن بعض الكهنة المندائيون في رفضهم الاعتراف بأن موطنهم الأصلي هو جنوبي العراق, أن هنالك عجرفة وتغطرساً يشابهان إلى حد ما الادعاء النوردي” وفي نفس المصدر ص43 تَذكُر دراور نقلاً عن البروفسور نولدكه بأن المندائية هي أقرب للُّغة التي كُتب بها التلمود اليهودي وإن اللُّغتين المندائية واليهودية التلمودية كانتا مُتجاورتين ولكن المندائية أنقى ولأنها لا تحتوي على مُصطلحات وكلمات دخيلة (النص مع المُرفقات 8), وهذا طبعاً لأن اليهود أحتفظوا بكلماتهم عند وصولهم لبابل, وحتى بعد أن أتقنوا اللُّغة الآرامية الشرقية وهي المندائية, وكتبوا بها كُتبهم الدينية.
أنَّ نظرية الأصل الغربي للمندائيين تستشهد بوجود مدينة أورشلام في الكتب المندائية المُقدسة, وبالتالي فهي دليل بكون بعض المندائيين كانوا في تلك المدينة أو تأثروا بما يدور بها من أحداث بسبب قربهم الجغرافي منها, وهذا صحيح.
ولكن يبرز سؤال مُلِح وهو أين تقع مدينة أورشلام التي تستشهد بها الكتب المندائية الدينية؟ وهُنا سوف نأتي لنُحلل مواصفات هذه المدينة وحسب ما جاء بالكتب المندائية الأصلية..
أورشلام في دراشا اد يهيا
* نبدأ بهذه البوث من كتاب دراشا اد يهيا, ولأن أحداثه تتركز بمجملها حول مدينة أورشلام, واليهود الذين يسكنونها
”أنا تقومت بقوة أبي وبتسبيح خالقي.
لم أبن بيتاً مع اليهود (لم أكن من دينهم)، ولا كُرسياً أقمتُ في أورشلام (عرشاً مع سادتهم).
لم أحب أكاليل الورود (حياة الترف)، ولم أتّخذ محظيّة للشهوات (علاقات خارج الزواج).
لم أحبَّ النقص (الخطيئة)، ولم أُحب شُرب الخمر.
لم آكُل الأجساد (اللّحوم)، ولم يَحلَّ علي ضرر العين (الحَسَدْ).
لم أنسْ صلواتي الليليّة، ولم أنسْ اليردنا السََني، لم أنسْ صباغتي، ولم أنسْ رَسمي المُبارك،
لم أنسْ الأحّد المُبارك ولم أُقصّر به” من كتاب دراشا اد يهيا النسخة المندائية ص77 (البوثة الأصلية مع المُرفقات 1)
أنَّ النَص السابق يقول به يهيا يهانا أنه لم ينسْ اليردنا السني وقد عُرِف عنه بأنه كان يصبُغ الناس في النهر وبنفس الوقت فأنَّ نهر الفُرات (فراش زيوا) هو أقدس الأنهار للمندائيين, كما وأنَّ مدينة أورشلام الحالية في فلسطين ليس فيها أي أنهار لا قديماً ولا حديثاً! وهذا الخلط بمكان صباغة يهيا يهانا كان بسبب بعض المستشرقين الذين ترجموا كلمة اليردنا وهو الماء الحي البهيج بمعنى أنه نهر الأردن الصغير, وحتى هذا يبعُد حوالي 50 كم من مدينة أورشلام الحالية أي مسيرة أكثر من يومين, فكيف كان يُمارس طقوسه اليومية النهارية والليلية, وجميعها يجب أن تكون بالنهر وبنفس الوقت فهو ساكن في أورشلام؟ وهذا طبعاً غير مُمكن.
* وفي نصوص أخرى يتحدث يهيا يهانا عن كونه الصياد الذي يصطاد الأنفُس النقية ويرفعها إلى عالم النور, أي أنه الرسول الذي يَهدي المُخطئين ويرفعهم لمقام الحياة, ولكن هذه النصوص تتحدث عن الأهوار وتُعطي وصفاً دقيقاً لها, والقصب والبردي وطيور الأهوار وحتى الزوارق وطرق صيد الأسماك في الأهوار, وهذا نَص مُقتضب منها
”صيادٌ أنا، أنا المُختارُ من الصيادين وأنا رئيسُ جَميعِ الضِفاف.
أنا أعرفُ مياه الأهوار، أعرفُ خفاياها الصِغار وتلالها، وأعرف كمائن ومواقع صيد الأسماك, أطوف وأعبُر المُستنقعات.
…
لقد أبعدتُ أوراق النباتات الطافية التي تسُد طريق الحياة، ظلال الأسماك القابعة.
رمح الصيد (الفالة ) التي بيدي هي مركنا مُختارة من مكانها عصا للماء الطاهر …” من كتاب دراشا اد يهيا النسخة المندائية ص143 (البوثة الأصلية مع المُرفقات 2)
* وفي نَص آخر للصياد وبعد أن يصف الأهوار مجدداً والصيد فيها وشكل الزورق وتفاصيل الأهوار الدقيقة, يتحدث عن أورشلام وبكونها تقع قُرب الأهوار
“تَكلّمَ الصيّاد وقال لهُم أخواني الصيادين وأبنائي الصيادين: أذهبوا من قُدامي وأصعدوا لقريتكُم الخَرِبَة أورشلام، أسألوا عني أباكُم الذي يَعرفني وأسألوا عني أُمكُم” من كتاب دراشا اد يهيا النسخة المندائية ص162 (البوثة الأصلية مع المُرفقات 3)
أنَّ هذه النصوص تشرح جغرافية المكان بدقة, وبيئة الأهوار هي بيئة فريدة من نوعها ولا توجد سوى في جنوب العراق, وبالتالي فأنَّ أورشلام التي تَذكُرها دراشا اد يهيا تقع في جنوب العراق وكانت قُرب الأهوار قبل الفي عام (ولأن حدود الأهوار تغيرت الآن).
* ولكي نتتبع الموضوع أكثر نذهب إلى مجموعة أخرى من النصوص, وهي لميرياي اليهودية أبنة الكَهَنَة اليهود المُتسلطين والذين يعيشون في مدينة أورشلام, وكانوا يعبدون أدوناي (آلهة الشَمس وليس الله), وأنَّ أسم بيت المقدس هو يعني مكان العبادة أي الكنيس اليهودي ولايعني مدينة أو مكان جغرافي.
”ميرياي أنا إبنة كَهَنة بابل، أبنة المُتسلطين العُظماء في أورشلام.
وُلدتُ يهوديّة، ورباني رجالٌ عَرّافين على مَذهب سافل، وأصعدوني إلى بيت الهَم، لبيت المقدس.
أدوناي وُهب ليدي (أخدم أدوناي) وبكلتا يدي لأكنس وأنظّف البيت الذي ليس فيه ثبات” من كتاب دراشا اد يهيا النسخة المندائية ص127 (البوثة الأصلية مع المُرفقات 4)
* وبعد ذلك نأخُذ نَص آخر تتحدث به ميرياي بأنها كشَجَرَة تسكُن في ثَغر الفُرات وتُعلّم التلاميذ وهُم يُشبَّهونَ بالطيور والتي تأتي لكي تتعلم وتحتمي بها, وعند ذلك يقول النَسر والذي هو رمز للملاك هيبل زيوا بأنه قد أصبح صَديقاً لهذه الطيور ولأنها بدأت بأخذ التعاليم المندائية من ميرياي.
”أنا ميرياي الكَرمة (الأصيلة)، الشجرة القائمة على ثَغرِ الفُرات.
أنا أهدابُ الشَجرة، حُليتها وثَمرُها. . .” من كتاب دراشا اد يهيا النسخة المندائية ص131 (البوثة الأصلية مع المُرفقات 5)
*وثغر الفُرات يقع في العراق, وهو قُرب مدينة الفلّوجة, ونُكمل النصوص الأخرى من دراشا اد يهيا حول ميرياي ونجد هذا النَص
”ويلٌ لليهود الذين يضطهدون ميرياي, ويلٌ لأليزار كاهن المعبد الكبير, الذي ثَبّتَ بيت المقدِس, ويلٌ لزاتان الكاهن الذي شَهِدَ زوراً على ميرياي.
لقد أتى صغار وكبار اليهود جميعهم وقالوا: نجتثُ ونُفني ميرياي لأنها أحبّت رَجُلاً وتشابكت أيديهما وذَهبا إلى ثَغر الفُرات. نُريدُ أن نقتُلَ ونحتقر ميرياي في أورشلام..
…
لقد أتت مجموعات من اليهود وذَهَبت بأثر ميرياي, وأقاموا لها عرشاً على ثغر الفُرات, ووضعوا لها درفشاً أبيضاً وكتاب السيدرا المُبارك” من كتاب دراشا اد يهيا النسخة المندائية ص136 (البوثة الأصلية مع المُرفقات 5)
يتحدث هذا النَص عن ميرياي التي ذهبت لثغر الفُرات (تَرَكت مدينة أورشلام) وبأن هُنالك جموع قد آمنت بميرياي وأصبحوا يتعلمون منها, وعندما رأى اليهود ذلك غضبوا وخَرجوا من مدينتهم أورشلام وحاولوا أغرائها بالأموال والسُلطة حتى تعود معهم ولكنها رَفَضت, وعندها قام اليهود بقتل ميرياي وبقتل جميع التلاميذ الذين تعلّموا منها, ولكن هيبل زيوا كان يُنقذ نشماثا الصالحة ويرفعها معه, وهذا النَص لهُ تكمِلة وتفاصيل في أحد نصوص الكنزا ربا وكما سوف يُبيّن لاحقاً.
أنَّ ميرياي هي من تلاميذ يهيا يهانا وهو الذي حوّلها إلى المندائية رُغم كونها ديانة غير تبشيرية, ولكنه كان ناصورائياً ولديه إلهام إلهي يقوده.
أورشلام في الكنزا ربا
وفي الكنزا ربا توجد قصّة تتحدث عن إجتماع الملائكة الساقطة (الروهة وأبنائها الكواكب السبعة) ورغبتهم بإنشاء مجموعة تخدم مصالحهم, ولهذا فقد قرروا أن يُقيموا مدينة أورشلام (في عالمهم خارج الأرض) وبعد ذلك يُعينون موقعها الأرضي
”وضعوا من أسرارهم مع بعضهم البعض، وبنوا قرية أورشلام والتي كان داخلها الإنحطاط والفساد والزنى. وقالوا كُل من سيُقيم في أورشلام لايحق له أن يذكُر إسم الله فيها.
ثم قامت الكواكب السبعة مع أمها وركبت مركباتها السبعة، وهبطت من عالمها الخاص في السماء إلى الأرض ووصلت إلى بيت لحم، وخاطبت أبنائها الشياطين الساقطين وقالت لهم: أنزلوا يا أبنائي مع مركباتكم ولنبني في هذا الموقع. فجاء صائح من سحابة الملاك أنُش أثرا وخاطب الروهة قائلاً : من موطن هذا المكان سوف يأتي ٣٦٥ تلميذا لي
فصرخت الروهة وخاطبت أبنائها السبعة قائلة : قوموا قوموا يا أبنائي لاتبنوا هُنا لأن لعنة سيئة قد حلّت عليه، فأجلسوا في مركباتكم وحلقوا بها من هذا المكان، وإلى أن وصلوا إلى مكان بيت مطلالي..” الكنزا ربا اليمين النُسخة المندائية خفاجي ودُرّاجي ص311-312 (البوثة الأصلية مع المُرفقات 6)
وبعد ذلك تتكرر الحوادث فيقول أنش أثرا لها نفس التهديد وهو خروج ٣٦٥ تلميذا له من بيت مطلالي, وهذا العدد هو تعبير مجازي ولأن السنة فيها 365 يوماً أي أنه يرمز لكل الزمن, أي أنَّ تلاميذ أنش أثرا الذين يشهدون للحيّ العظيم سوف يخرجون طوال الزمن من هذا المكان وليس معناه وجود 365 تلميذ عدداً!
وأيضاً تتكرر العملية فتقول الروهة لأبنائها أن يتركوا هذا المكان (بيت مطلالي) ويحلقوا مجدداً وإلى أن يصلوا إلى مكان يُسمى كراخ نتاب, وأيضاً قالت لهم بأن يبنوا أورشلام فيه ولكن تهديد أنُش أثرا تكرر, فتركوا المكان مجدداً وحلقوا وإلى أن تكسرت أجنحة مركباتهم, فأمرتهم الروهة بأن يهبطوا ويبنوا في هذا المكان الجديد ولأنه آخر مايستطيعون, ثم بنوا قرية أورشلام مستعينين بالسحر والشعوذة ولم يذكروا أسم الله عليها, ولكن أنش أثرا أرسل تهديده أيضاً, وفي هذه المرة قالت الروهة لأبنائها طوبى للذي كان الله في عونه (أي أن يذكروا أسم الله كَذِباً) وعندما بُنيت أورشلام توطّن بها اليهود فوهبتهم الروهة من أعمالها الظلامية, وأصبحت الملائكة السبعة الساقطة عوناً لهم….
وبعد ذلك تستمر القصّة في الكنزا ربا
”ومن ميرياي الكاملة خَرَجَ ياقف وبني أمين، ومن ياقف وبني أمين خَرَجَ ٣٦٥ تلميذاً في قرية أورشلام. اليهود غضبوا وقتلوا تلاميذي الذين يَذكُرون أسم الحَيّ.” الكنزا ربا اليمين النُسخة المندائية خفاجي ودُرّاجي ص314 (البوثة الأصلية مع المُرفقات 7)
فتكون ميرياي هي التي تُعلّم ياقف وبني أمين وهؤلاء يُعلّمون التلاميذ الذين يَشهَدون للحي, ولكن اليهود يقتلونهم جميعاً (وكما في النَص السابق من دراشا اد يهيا),
ولتكملة القصة يغضب أنُش أثرا ويهدم جميع أعمدة مدينة أورشلام ويُخرّبها تماماً, ويمسخ اليهود الذين قتلوا تلاميذه إلى طيور وحيوانات قبيحة.
من هذه القصة نتبين بوجود أربعة أماكن كانت تُدعى أورشلام وهي (بيت لحم, بيت مطلالي, كراخ نتاب, والمكان الأخير والذي هو على نهر الفُرات جنوب العراق وقُرب الأهوار) وهو الذي تجري به الأحداث بين اليهود والمندائيين وتذكُره الكُتب المندائية الدينية.
مخطوطة حرّان كويثا -أورشلام
وتتحدث هذه المخطوطة والتي كُتبت بعد الفتح الإسلامي لوادي الرافدين, عن روايات بعضها تأريخي والبعض الآخر تتنبأ به بما سيحصل, ومن رواياتها بأن اليهود كانوا يسكنون في مدينة قُم ومن ثُم نزلوا إلى مدينة البصرة جنوب العراق ويسميها النَصْ (سوف زابا) وتعني نهر القَصَب, وبعد ذلك حصل هجوم من اليهود على المندائيين, وساعدتهم الروهة وأدوناي الذي خرّبَ سوف زابا وفَتَحَ لليهود ممراً في داخل ماء سوف زابا ويسيرون به (قصّة موسى), وبعد ذلك تبني الروهة مدينة أورشلام الجديدة, وهُجِرَ المندائيون نحو اليابسة وتركوا الماء بعد خراب سوف زابا. وفي فترة لاحقة يذهب أنُش أثرا إلى بابل ويقتل الكوهينيين, وهُم اليهود أتباع الكَفَل في بابل ويمحي مدينتهم أورشلام.
وبعد نهاية اليهود وأورشلام هُناك, يقوم أنُش أثرا بوضع سبعة حُكام من الناصورائيين على بابل (وتشمل أكثر مناطق وسط العراق وصولاً إلى بغداد) وعلى مناطق دجلة ومَصَب الكارون والفُرات وبمبريتا وهي مدينة يهودية على الفُرات قُرب الفلّوجة والأخير على جبل الينابيع الواقع في نهاية سلسلة براون. وتقول الرواية بوجود مندائيين من سُلالة أولئك الملوك الناصورائيين في بابل وأنَّ ذُريتهم مُستمرة (رُبما هذا يُفسر السُلالات الوراثية الناصورائية (مصدر4))!
وبعد ذلك تأتي الروهة إلى المندائيين من النَسل اليهودي والذين كان قد عمّدهم يهيا يهانا وتُغريهم بملذات الجسد, فتتلوث طهارتهم وتفسُد أختامهم ويضعُف المندائيون (النَصْ يتحدث بسلبية عن عملية إدخال هؤلاء اليهود للمندائية وهي إشارة إلى عدم جواز التبشير بالمندائية)
ويشير النَصْ الخاص بقيقل في حران كويثا ( نسخة دراور الإنكليزية ص13-14) – (ترجمة نعيم بدوي العربية ص5) إلى أن الروهة خدعت الريش أمة قيقل وأملت عليه أن يكتُب كتاباً وطلسمات بمواصفات سوف تجعل الخلاف بين الناصورائيين والمُرشحين للكهانة (الشواليا), وبعد ذلك يُحذّر هيبل زيوا الناصورائيين في المُستقبل بأنهم يجب أن يلتزموا بتعاليم كتاب الكشف العظيم فقط وليس بكتاب الروهة (أن الكتاب الوحيد الذي يجعل الخلاف بين الشيوخ والشواليا هو كتاب الف ترسّر شيالي؟ فربما كان هو أو أجزاء منه والله أعلم, وأمّا الطلّسمات فهو أصفر ملواشة ولأنه ليس مندائي ولكن كُتِبَ بالمندائية وهو يُخالف العقيدة المندائية كثيراً)
أنّ المندائيين ذوي الأصول اليهودية رفضوا حرق الكتاب والطلّسمات الذي أملته الروهة على قيقل وأخفوه, بينما المندائيين الذين كانوا من العقيدة الحقّة أحرقوه وطمروه, وهذا هو الدليل على وجود نوعين من المندائيين في ذلك الوقت في جنوب العراق, أي أنّ جنوب العراق كان هو الوطن الأم للمندائيين حسب هذه المخطوطة, وكذلك بأن اليهود في العراق كانوا مُهاجرين من مدينة قُم وليسوا مسبيين!
تسمية أورشلام
أن تسمية أورشلام التي يُقدّسها اليهود هي ليست لمدينة مُعينة, وإنما هي لأي مدينة يستوطنونها ويستطيعون أن يعبدوا بها إلههم أدوناي, وهذه الحقيقة معروفة لكثير من الباحثين ولليهود أيضاً ولكنهم لايقولون بها (مصدر5-6), وهو سبب شعارهم من النيل إلى الفُرات ولأن مدينة أورشلام كانت في مواقع مُتعددة, كما وأنّ الملك الفارسي قورش كان مُتحالفاً مع اليهود لإحتلال لبابل, ولأنهم ينتمون إلى نفس الأصول الفارسية والتي كانت تُناصب العداء لبلاد وادي الرافدين.
أنَّ مدينة أورشلام الحالية كان أسمها إيلياء عندما فتحها المُسلمون وسمّوها القُدس (مصدر7), وسُكانها كانوا من المسيحيين وليس اليهود, كما وأنَّ أسم بيت المقدس هو يعني مكان العبادة أي الكنيس اليهودي وليس لمدينة معينة, وهذا ماينطبق على النصوص التي بينّاها سابقاً, كما وأنَّ تاريخ اليهود في بلاد وادي الرافدين موثّق, ومدينتهم أورشلام المقصودة من النصوص السابقة كانت قُرب بابل وهي ذو الكفل على نهر الفُرات (مصدر8)
وعلى جميع هذه الأدلّة, فيكون أي حديث عن أصول المندائيين الغربية غير صحيح ويأتي نتيجة لأسباب سياسية وليس بحثية.
سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ
المصادر
1 مقالة: أصول الناصورائية المندائية”: العرفانية في وادي الرافدين, خزعل الماجدي
2 مقالة: السومريون-البابليون-المندائيون (الجزء الأول)، سنان الجادر
3 مقالة: المَسيح الترميدا الناصورائي، سنان الجادر
4 مقالة: السلالات الوراثية الناصورائية، سنان الجادر
5 مقالة: القدس ليست أورشليم, فاضل الربيعي
6 كتاب, تاريخ أورشليم والبحث عن مملكة اليهود, فراس السواح ص16
7 مقالة: القدس تاريخيا بين منطق العقل ومنطق الجهل والخرافة, محمود شاهين
8 مقالة: ذو الكفل… حضر الى بابل في حملة السبي وغادر اليهود قبره بعد الهجرة، المنصّة