التسبيح للخالق سعادة النشمثا
“يا جميع الذين تستمعون لنداء الله, لكُم نقول:
في قيامكم وقعودكم
في ذهابكم وإيابكم
في مأكلكم ومشربكم
في طمأنينتكم وفي اضطجاعكم
وفي جميع أعمالكم
أذكروا وسبحوا لملك النور السامي” الكنزا ربا اليمين
يتكوّن الإنسان حسب الفلسفة المندائيّة من ثلاث عناصر مُتّحدة ولها تقدير, وهي: الجَسَد والروح والنَفس (النشمثا)
* وفي حين أنّ الجَسَد يحتاج إلى عناية وطهارة وصيانة من النُقصان, فلا يجوز الانتقاص من الجسد عبر تشويهه بالوشوم أو بالغُرز والتي هي مُحرّمة لدينا بنصوص متعددة. وحيثُ أنها كانت في الزمن السحيق ومُنذ العهد السومري رمزاً للعبودية, فكان يتم وشم العبيد تمييزاً لهُم عن الأحرار الذين لم يكُن يستطيع أحد أن يضع علامته عليهم, وكذلك الأمر بالنسبة للغُرز.
”ومَن صانَ جَسَدهُ حُباً في اللهِ فَهُو المُزكّى” الكنزا ربا اليمين
* الروح والتي هي طاقة الحياة الطبيعية والتي ترتبط بالجسد وتسعى لإكمال متطلباته, فتُعطي السعادة عند الشعور بالشبع بعد الجوع وعند النوم بعد النُعاس وعند الجنس بعد الحرمان. وهي أيضاً مرتبطة بحب التملك وبالسُلطة وبال (أنا) وأيضاً تحتاج إلى تطمين من وقت لآخر, ولكن الإنسان يجب أن لا يُصبح ساعياً وخادماً لإرضاء متطلبات الروح وبدون حدود, وإنما أن يضع لها قواعد وحدود محكومة بالعقل ومحدداته الأخلاقية البعيدة عن النزعة الحيوانية ذات التسلط وأن يتعلّم القناعة. والعقل الواعي الذكي واليقظ هو الذي يُسمّى بالمانا الذي أخصّه الخالق بجوانب السيطرة والقوة, ليكون السلاح الذي يرفع من شأن صاحبه ويوصله لعالم النور إن أحسن أستخدامه لما فيه فائدته وفائدة المجتمع والكائنات الأخرى.
* وأمّا النَفس أو النشمثا فهي تُمثّل النَسمة أو النَفحة النقيّة المؤمنة والتي أتت من بيت الخالق, وهبط بها الأثريون لكي يشتلونها في الجسد فتكون رقيبةً عليه وعلى الروح, وهذه النشمثا هي الضمير الذي يستيقظ فتحاسب صاحبه على كُل ما قام به وتضع المُحددات والقيود إن كانت قويّة فيساعدها المانا للسيطرة على الروح وإن كانت ضعيفة فتتسلّط الروح على المانا.
“يا أصفياءَ الصِّدق , استَقيموا وسَبِّحوني” الكنزا ربا اليمين
وأمّا ترقيتها فهي عبر الصلاة والتسبيح بحمد الخالق في جميع الأوقات وفي جميع الأماكن, ومن لم يجرب التسبيح, فربما كان قد فاته الكثير من الشعور بالراحة والطمأنينة والإلهام وخاصّة إن كان التسبيح في الهواء الطلق, حيث أنّ الحياة هي موجودة في الغابات والبساتين وفي الحقول والأنهار وشم الرياحين, وليست في البنايات المغلقة إلا من كان مُجبراً. وقد لا ترى نباتات الحقل من يعتني بها ولكنها حتماً تشعر بهذه العناية برغم وعيها البسيط فتعيش وتكبر, وكذلك البشر فهم وإن لم يروا خالقهم ولكنهم إن تأمّلوا قليلاً فسوف يشعرون بالعناية الكبيرة التي أوصلتهم للحياة وللوعي الذي تميّز به الإنسان عبر العقل. فميّزه الله حتى على الشمس والقمر كما يقول الناصورائي بر ديصان الرهاوي, ولأنهما محكومان بدورانهما وليس لهما الاختيار على عكس البشر الأحرار بقراراتهم.
سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ