البساطة أقرب للحياة
مما لا شك فيه أن هذا العصر هو مُتقدّم تكنولوجياً وبنفس الوقت فهو سطحي ومُتأخر أخلاقياً وفلسفياً وفكرياً. وذلك لأسباب عديدة منها التخصص الدقيق في العلوم الذي وصلت له الحضارة, فأصبح كل إنسان يهتم بمجال تخصصه فقط, وأهمل باقي الجوانب من الحياة (مصدر) وفي وقت فراغة فهو يستثمره في المُتع واللهو. وهذا قاد إلى إهمال الفكر والعلوم والفلسفة بأنواعها كجانب أساسي يومي من حياة الإنسان الاعتيادي.
وقد أصبحت الماديّة هي مقياس التقييم لأي شخص في العالم. ومع تراجع الاهتمام بالأخلاق التي اضمحلّت في المجتمعات بسبب العولمة التي قادت لتفكيكها مع مُقارنة الناس لأنفسهم مع باقي المجموعات في العالم وخاصّة القدوة الهوليودية المُنحطّة. وكذلك بسبب الأنانيّة الفرديّة التي أصبح الجميع يَتَعلمونها منذ الصِغَر.
أنّ سِمة هذا الزمان الماديّة, قد قسّمت سكان الأرض بين مجتمعات فقيرة تبحث عن لُقمة الخبز, ومجتمعات غنيّة وسطحية حيث تكون فيها عبوديّة العمل الطويل, طوعيّة في سبيل الحصول على الممتلكات الماديّة الغير ضروريّة للحياة. فمثلاً الاستعداد لإقامة حفلة الزواج الفخمة والأكسسوارات تكون لديهم أهم من تقييم نضج الشريك وشخصيته, وتكون ماركة السيارة وسنة صنعها أهم من كونها وسيلة الغرض منها النقل فقط, وأنّ الاستعراض بشكل الإنسان الخارجي وأسلوب حياته المرفّهة, أهم من أفكاره وتعليمه.
* “يا من تَضعون الزيوت العَطِرة وتَستنشقون الروائح الزَكيّة, ويشبعون رغباتهم وغرورهم بأنفسهم.
وهم باسم الحيّ العظيم ومنداادهيي الذي هو معهم, لايَشهدون ولايُنصتون ولايَسمعون.
ولا يَخطُر الحيّ على بالهم.
يَتَبخترون ويَغترّون بحُسنهم وهيئاتهم.
لقد وجّهتم أنفسكم لبحر سوف العظيم” الكنزا ربا اليمين
ولو نعود إلى بعض النصوص من الكتب الدينيّة المندائيّة, فنجد بأنها كانت تحذّر بصورة مُشدّدة عن الانغماس في تلك المظاهر الغير ضروريّة للحياة. وبنفس الوقت نسيان الصَدقات التي هي الرابط المهم الذي ينسج المجتمعات بعمل الخير, عبر مساعدة الآخرين والذين بدورهم سوف تدور الحياة معهم فيساعدون أناس غيرهم وهكذا.
تَمر الحياة بأسرع مما يخطط لها الإنسان. فيكون واجب أستثمارها بصورة عميقة هو مقياس أداء كل شخص لرسالته فيها. ولأن البساطة أعمق من التكلّف والبهرجة, وهي أقرب للحياة التي ستحكُم على البشر بعد أن تَنضج ثمارهم ويخرجون من أجسادهم.
سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ
مصدر : المَعرِفَة الناصورائية والتعابير المَجازيّة