نقد وتحليل / الصابئة المندائية.. الحاضر والمستقبل – برنامج حديث_العرب
الدكتور قَيس السَعدي, مدير مركز الدراسات المندائيّة.
ضمن البرنامج المُشار له, والذي تمّ عرضه على قناة سكاي نيوز العربية, أجاب الدكتور قَيس على أسئلة كثيرة, ودَفَعَ بِقِدَم المندائيّة على المسيحيّة واليهوديّة, ولأنهم أهل إبراهيم الذي خَرَجت منه جميع الأديان الإبراهيميّة, وحيث كانت المندائيّة هي السائدة في التاريخ القديم وكما يوثّق ذلك إبن خلدون وغيره.
أنّ أبرز ما طرحه الدكتور قَيس هو ندائه الذي يقول به :
“أنّ المندائيون كأقليّة يواجهون تهديداً جديّاً”
وطالبَ برعاية دولية لكيان يمتلك مقومات جَمع أبناء الطائفة المتوزعين على دول العالم, ولأن الصابئة المندائيون هُم أرث إنساني في لغتهم وأصولهم وطقوسهم.
الآن نطرح هذه المُناشدة المُهمّة للنقاش, ولأن وطننا الأم العراق يُعاني الاحتلال المُستتر والفساد والظُلم الشديد, فيكون خيار العودة غير جدي, ولكن ماذا لو استجابت دولة معيّنة أو مجموعة دول لهذه المُناشدة ؟ فهل سوف نَقبل بها؟ وماهي الدولة التي يَطمح المندائيون للعيش بها, والتي يُمكن أن تُمثل وطناً بديلاً نُحافظ فيه على الدين والثقافة والهويّة المندائيّة لأطفالنا وأحفادنا من بعدهم؟
ومن ناحية أخرى, فنحن جميعاً قد أستقرّ بنا الحال في دول الغرب, وكما يتم تبيان توزيع المندائيين العشوائي على دول العالم حسب آخر إحصاء تقريبي أجراه الأستاذ سعد الدهيسي عام 2017 (أستراليا≈12000, السويد≈11000, أميركا≈11000, العراق>6000, أيران>3000, هولندا≈3000, الأردن≈2000, كندا≈1500, تركيا≈600, بريطانيا≈500, ..). وكما هو واضح, فأنه لا توجد دولة يكون فيها ثُقل مندائي كبير, وإنما نحن أصبحنا مُشتتين على دول كثيرة, وبالتالي لا نستطيع أعتبار أي دولة بأنها واقع حال فنجتمع بها.
وحيث أنّ هذه الدول الغربيّة تختلف نسبياً فيما بينها, ولكن الحياة فيها تَميل بين أن تكون مريحة أو مُعقّدة وحسب ظروف الشخص, وفي بلدان شمال أوروبا تكون أصعب بسبب مناخها البارد والاختلاف الثقافي معنا, ولأن أطر المُجتمع العامة لهذه البلدان ترفض التعدديّة الثقافيّة, وتكون قوانينها مُشددة في حماية الخصوصيّة إلى حد إيجاد الذرائع للتدخّل في شؤون الناس, وإلى الدرجة التي تجعل فيها عملية تفليش الأًسر وإنهاء الزواج أمراً سهلاً وربما مُرجّحاً, وهنالك من يعتقد بأنها سياسة مُتّبعة وقائمة على فلسفة جمهوريّة أفلاطون, التي تُريد أن تكون الدولة هي الأم والأب لجميع الأفراد في سبيل أستقرار الحُكم وزيادة الإنتاجيّة, وبالتالي فيجب تفكيك الثقافات والتجمعات العرقيّة المختلفة, وصولاً إلى تفكيك العوائل نفسها وخاصّة العوائل المُهاجرة, ولهذا يُصبح الأفراد مُعتمدين على الدولة ويتركون مجتمعهم الأصلي ويندمجون ضمن ثقافتها السائدة.
وهذا يخص دول شمال أوروبا, وأمّا باقي البلدان فيتحدّث عنها ساكنوها ولأنهم أعلم بظروفها.
وكذلك توجد في البلدان الغربيّة منظمات دينيّة قويّة لديها إمكانيات ماديّة وسياسيّة كبيرة, وهي تُهاجم الدين المندائي وتسعى للقضاء عليه, عبر أغراء بعض المندائيين لكي ينشقّوا عن دينهم ويصبحون عابرين مستترين أو مكشوفين, فينفثون سمومهم في المجتمع المندائي.
أنّ الذي يَدرس تأريخ الدول الغربيّة, فسوف يجد بأنه تاريخ مُضطّرب وغير مُستقر, ولأنها دول أستعماريّة تُنتج سلاح وحروب وأجهزة مُخابرات ولديها أحزاب عنصريّة تاريخها دموي وتتحيّن الفُرصة, وبالإضافة لذلك فأن عملية تغيير توجهات الشعوب هناك تكون سريعة, وقد تمّت السيطرة على مُجتمعاتهم عن طريق الوظائف والإعلام والقروض والحياة المُرفّهة والتخويف المُبطّن, ولهذا فلا يُخالفون السياسة العامّة للدولة ولا يحيدون عنها.
ولو بحثنا عن دولة في العالم تُشبه ثقافتنا الشرقيّة, وتُطبّق مبادئ الدين المندائي فتَحترم الناس ولا تستنزف الطبيعة وتعيش في سَلام مع الجميع فهي سَلطنة عُمان, علماً أنه تربطنا بها صلات تاريخيّة منذ زمن مملكة ميسان, ولكنها دولة غير مُتاحة للهجرة.
الآن يجب أن نُفكّر بصورة جديّة, ماذا لو أتت حُقبة من عدم الاستقرار في أحدى البلدان الغربيّة التي يتواجد بها المندائيون؟ فأين سوف ننصحهم لكي يذهبوا ويستقرّوا؟ ويكون السؤال الرئيسي لجميع المندائيين:
أي دولة يجب أن نُفكّر بها جدياً, ونبني طموحنا عليها بأنها تكون حافظة للمندائيين ووطناً بديلاً؟
سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ