لقد تميزت الشعوب الشرقية ونحن منهم, بأنهم يعطون أهمية للإنسان كمخلوق أجتماعي وهو جزء لايتجزأ من المجتمع, حيث أن المجموعة تعتمد على الفرد والفرد يعتمد على مجموعته. 
بينما تعتمد الشعوب الغربية على تطور الفرد بمفرده, وتكون الدولة هي مرجعيته الوحيدة ولهذا فتكون حالات التفكك الأسري أو عدم وجود علاقات أجتماعية للأفراد في المجتمع الغربي هي الحالة العامة.

لاشك بأن النظم الإجتماعية الكفوءة التابعة للدولة في الغرب قد وفرت للفرد جميع إحتياجاته, ولكن بمجرد خروج الفرد من دائرة الإنتاج أو في حالة أي ظرف طارئ فأنه سوف يعرف قيمة المجموعة الشرقية التي توفر له الدعم الإجتماعي الذي يحتاجه يومياً, وكذلك المساندة والمشاركة لحل المشكلة أو لمواجهة الظرف الطارئ.
وعليه يتحتم على الجميع عدم تسهيل إنسلاخ أفراد العائلة, بسبب توفير السكن مثلاَ للشباب من قبل الدولة بمجرد بلوغهم سن النضج, وكذلك يتوجب عدم التفريط بالعلاقات الإجتماعية وروابط الدم التي ورثناها وعدم الإستخفاف بقيمتها, وطبعاَ هذه مسؤولية مشتركة بين الأفراد والعوائل المندائية نفسها وبين التجمعات والجمعيات المندائية وهذه العوائل. فيجب على التجمعات والجمعيات المندائية في مدن المهجر التواصل مع جميع المندائيين وتقريبهم للمجموعة ومشاركتهم المناسبات الدينية والإجتماعية.
إن البيئة العامة في المهجر هي معادية للقيم الشرقية, وقد بنيت على مفاهيم مسيحية تختلف عن مفاهيمنا وقيمنا المندائية, فمثلاً نحن لانمانع زواج الأقارب من أبناء وبنات العمومة والخؤولة, بل أنه مستحسن في الغربة لدوام الترابط والعلاقات وبسبب قلة الإختيارات من المندائيين في مدن المهجر البعيدة.

الثقافة هي العلوم والمعارف التي يدركها الإنسان من فن وأدب وفكر وصناعة وعلم, وقد سادت الثقافة العربية منذ أكثر من ١٤ قرناً, ليس فقط في وطننا الأم وإنما في أماكن متعددة وكثيرة في العالم وأخذت وقدمت للعالم الكثير وفي مختلف هذه الحقول.
إن إمتلاك مفاتيح الثقافة يتم عبر معرفة لغتها بصورة جيدة, ولهذا تأتي أهمية معرفة اللغة العربية وتعليمها لأفراد العائلة من الذين عاشوا في المهجر, ولم تسنح لهم الفرصة لتعلمها. وقبل أن نذكر أهمية اللغة العربية كونها أحدى اللغات الست الرسمية في الأمم المتحدة (الانكليزية والعربية والصينية والأسبانية والفرنسية ‏والروسية) فيجب أن نعرف بأن لغتنا المندائية كانت هي اللبَنَة الأساسية لبناء اللغة العربية الكبيرة والشاملة والتي تحتوي على ٣ ملايين كلمة مستخدمة.
كما وإن معرفة اللغة العربية بصورة جيدة من قبل جميع أفراد العائلة تعني وجود روابط أسرية أقوى, ولأن التعبير اللغوي للعواطف هو مشكلة بالنسبة لمن ولدوا بالمهجر ولم يتعلموا لغتهم الأم, ونتيجة لهذا النقص اللغوي فإن الفرد الذي لايجيدها سوف يسقط في أحضان الثقافات الأخرى التي يفهمها بصورة أفضل ويبتعد تدريجياً عن محيطه العائلي والمندائي, كما وأن الأهل الذين يُسقِطون حضارتهم التأريخية وثقافتهم أمام أطفالهم يعانون أكثر بكون هؤلاء الأطفال سوف يذهبون إلى ثقافات بديلة ويبتعدون بالتالي أكثر عن عوائلهم وعن المجتمع المندائي.

نحن نشترك بالدين المندائي والذي هو الأساس الذي بنت عليه جميع الأديان الموحدة الأخرى, ولكننا كبشر نحن مختلفون عن بعضنا البعض بأختلاف البيئة والخلفية الثقافية والعلمية التي تربينا عليها, وإن هذه الإختلافات قد كبرت في المهجر بسبب ضعف التواصل الإجتماعي وبسبب إنتشارنا على مساحات جغرافية وثقافية واسعة وسع العالم أجمع.
فلم يبقى لنا شيء يوحدنا معاً سوى العودة للجذور والتمسك بديننا وطقوسنا المباركة, وعليه ندعوا جميع رجال ديننا الأفاضل بأن يكونوا متوحدين لخدمة أبناء الطائفة وأن يقدموا دينهم ومصلحة أبناء الطائفة على خلافاتهم الدنيوية.

إن رجال الدين المندائيين يجب أن يتفقوا, وإلا فهم سائرون في إغضاب هيبل زيوا حسب هذا النص في الكنزا ربا اليمين ص23 فيقول في الوصايا
(217) أنا الرسول الطاهر .. أقول لجميع الناصورائيين : ميزوا كلمات هؤلاء, إن بعضهم يكذب بعضا (218) النبي يكذب النبي (219) والملك يطعن الملك.
وأما رجال الدين المندائيين فهم يسمون بالملوك حسب ماجاء بكتاب الليدي دراور الصابئة المندائيون, وطبعاً الأنبياء هم أعلى درجات رجال الدين المندائي. ولهذا فيجب عليهم أن يتفقوا على كل شيء ويكونوا إخوة, إن هم أرادوا الحفاظ على دينهم ومكانتهم.

وفق الله المندائيين ووحد كلمتهم

سنان الجادر