علم الجينات والجهل
من المزايا الكبيرة لهذا العصر والذي هو عصر تكنولوجيا المعلومات, أنه قد وفّر إمكانيّة الإطلاع على مناهج متخصصة لمُعظم العلوم المتقدمة والحديثة, وحيث أن فهم هذه العلوم يعتمد كثيراً على الخلفية العلميّة الدقيقة للباحث فيها, فمثلاً من كان تعليمه بسيطاً أو حتى من لم يكن متخصصاً فسوف لن تكون له إمكانية كبيرة بفهم جوهر الموضوع بصورة صحيحة وعميقة , ومن هذه العلوم نأخذ علم الوراثة والذي هو نفسه علم حديث ولايزال في مراحله الأولى.
وحيث أنتشرت مؤخراً الكثير من المنشورات من قبل أشخاص يفتقدون للتخصص العلمي ويتحدثون وكأنهم علماء فيقررون أصول العوائل المندائيّة, مستعينين بمصطلحات علمية ورموز جينيّة لايفهمون ماهيتها, ولكنهم يعطونها بالجملة ولكي تكون الفيصل فيسكت الأشخاص الإقل تعليماً والذين ليست لديهم فكرة عن الموضوع, وأمّا الأشخاص الذين يعرفونها فيتجاهلون هذا النوع من المنشورات ولأنه مُضحك بالنسبة لهم.
ولكن نحتاج أن نوضح لهم ببساطة شديدة بعض النقاط.
أن البشر كانوا موجودين منذ مليونين ونصف سنة وكانوا يختلطون ويتزاوجون طوال تلك الحُقبة الطويلة من التاريخ الإنساني والقصيرة من الخليقة, وفقط منذ بضع آلاف من السنين بدأت المندائيّة, ولهذا فأننا جميعاً نتشارك مع مورثات من أشخاص وقوميات حول العالم, وليس معناه أن المندائيين الذين لايتناسلون مع غيرهم, يكونون ذوي جينات نقيّة أو خاصّة بهم وبعوائلهم.
وكذلك فعلم الجينات نفسه لايزال في بدايته وليس قبل مئات السنين من الآن, سوف يستطيع البشر أن يعرفون هذه الفروقات, وذلك لأن قواعد البيانات للمورثات وتوزيعها على سكان العالم, لاتزال في مراحلها الأولى, وكذلك فأن الغالبية العُظمى من الجينات نفسها لايعرفون وظيفتها, وأن اكثر من 98% من DNA لاتزال غير معروفة من ناحية التشفير.
وإنما هذه الهالة هي لكي يدفعوا الناس لإعطاء عيناتهم الوراثية فيستخدمونها في بناء قواعد المعلومات وكذلك للتربّح من الفحوص.
وطبعاً هذا كان مُلخص سريع, وعسى أن يهتدي عُلماء الجينات الجدد من الذين لم يدخلوا الجامعات.
سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ