الحرب ضد المندائيّة

نقد وتحليل //

كتاب الملوك جارلس هابرل

أصدر أحد الجامعيين الأميركان من قسم الأديان والدراسات السامية جارلس هابيرل Charles G. Häberl كتاباً عن المندائيّة بعنوان كتاب الملوك وشروحات هذا العالم The book of kings and the explanations of this world, ويتناول ترجمة لأحد النصوص من كتاب الكنزا ربا.

للأسف لم تكن هنالك معلومات كثيرة متاحة عن الكتاب لكونه جديد, ولكن النُبذة عن الكتاب التي تُرفق معه تقول بشكل مختصر كما يلي :

(أن المندائيون في العراق وإيران هم آخر الطوائف الغنوصيّة من فترة العصور القديمة المتأخرة Late Antiquity وأن كتاب الملوك هو تتويج لأهم كتبهم المقدّسة .. ثم يتحدث عن فترات الكوارث التي حدثت للبشريّة .. من الطاعون والنار والطوفان ..)

في بداية أن الاسم هو مُضلل للقارئ وخاصّة للمسيحيين الغربيين, وذلك لأنه لا يوجد كتاب مُتخصص لدى المندائيين أسمه كتاب الملوك, ولكنه أسم لأحد أسفار كتاب الكنزا ربا ويقع في نهاية الجزء الأيمن. وهو أستخدم هذا الاسم بسبب وجود كتاب لدى اليهود أسمه كتاب الملوك ضمن العهد القديم. وذلك لمحاولة جعل الكتب المندائية وكأنها مُقتبسة من اليهوديّة أو تحاكيها, وكما سوف يَفهم ذلك القارئ الاعتيادي وخاصّة إذا كان من خلفيّة مسيحيّة أو يهوديّة.

وبعد ذلك يُعطي هذا الأكاديمي حُكماً قطعياً بأن المندائيين هم من الطوائف الغنوصية, وينسبهم إلى حقبة العصور القديمة المتأخّرة ليت أنتكوتي Late Antiquity وهذه العصور تقع خلال الفترة بين القرن الثالث والثامن الميلادي (284-700 AD).

وكما هو معروف للباحثين, بأن كتاب الكنزا ربا هو عبارة عن جَمع لمجموعة كبيرة من الدواوين والمخطوطات ومن عصور متفاوتة كثيراً بالقِدم تصل الفروقات الزمنيّة بين نصوصها لآلاف السنين. ولهذا فقد أختار هذا الباحث نَص وحيد خاص بالنبوءات وليس بالفلسفة ولا بالتعاليم, ولأن فقرات النَص تُعطي إشارات على كونها بعد الرواية المسيحيّة- اليهوديّة لكي يَدعم نظريته حول حداثة الدين المندائي.

لقد بينا في مقالات سابقة (مصدر1-2-3) أن الطوائف الغنوصيّة هي التسمية التي أطلقها المستشرقون على تلك الفرق المسيحيّة في بدايات الميلاد وصولاً إلى المانويّة, والتي كانت تعترف جميعها بالمسيح, وكذلك مع الحركات الدينيّة الوهمية المستحدثة من اليهوديّة أعتماداً على مخطوطات البحر الميت المزورة.

وأنَّ نعت المندائيّة بالغنوصيّة هو في سبيل أن يلغوا القِدم المندائي على المسيحيّة واليهوديّة, وأن يطعنوا بكونها ذات فلسفة أصيلة لها سبق ونابعة من ذاتها.

وأمّا أن يَنسب قِدم المندائيّة بين القرنين الثالث والثامن فهذا كَذب فاضح, فهل حقاً لا يعرف هذا البروفسور أنَّ ألواح الرصاص التي تحتوي على النصوص المندائيّة والموجودة في متاحفهم تعود إلى حقب ما قبل الميلاد؟ وهل لا يعرف بأطلال مملكة ميسان من القرن الثاني ق.م والموجودة في مدينة شوشتر(مصدر4)؟ أو بالنقود المسكوكة بالمندائيّة من تلك الفترة؟ وهل حقاً لا يعرف بأن أجدادنا الناصورائيون هم مذكورون في المصادر التاريخيّة وبأنهم من أقدم الأقوام؟

ناهيك عن اللّغة المندائيّة والتي هي أقدم وأنقى من اللّغة العبرية الهجينة, والشواهد والأحداث والمفاهيم السومريّة والبابليّة التي هي موجودة بكثرة في الكتب الدينيّة المندائيّة وحتى بتشابه الطقوس الدينيّة معها, فكان الأجدر أن يلتفت لها بدل أختياره لنص وحيد انتقاه ليبني عليه روايته!

طبعاً نحن تعودنا على أكاذيب المستشرقين الصهاينة (مصدر5), حيث تَحكُم الصهيونيّة العالميّة الدول الغربيّة في عصرنا هذا, أعتماداً على روايات دينيّة مسروقة من تاريخ وأديان بلاد الرافدين, والتي يُمثُل المندائيون آخر المُتبقين منهم. ولهذا فنتعرّض إلى تحريفات مُتعمّدة لتاريخنا وديننا من قبل هؤلاء والجامعات التي يُسيطرون عليها.

فلا تثقوا بهؤلاء يا أهلنا ويا شيوخنا الأفاضل لا تهادنوهم ولا تعطوهم أسرارنا وكتبنا, ولا تضعوا أسمائكم أو تزكيتكم على كتبهم. لكي لا يأخذوا الشرعية لأعمالهم وكتاباتهم المُحرّفة لديننا وتاريخنا.

سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ

المصادر

1. الناصورائيّة والمندائيّة ..وليس الغنوصيّة

2. الناصورائيّة التوحيديّة والأديان الثنويّة

3. الناصورائيّة والمندائيّة ..وليس الغنوصيّة (الجزء الثالث)

4. الآثار المندائية المُتبقّية في مدينة تستر (شوشتر)

5. حرب التلفيق ضد المندائيّة

من mandaean