الآشوريون الأوائل كانوا صابئة

لم يكُن هُنالك من شك لدى عُلماء التأريخ المرموقين بأن الدين الصابئي المندائي هو الأساس الأقدم للعبادات في الحضارات الرافدينيّة, ولكن تلك الكُتب القيّمة التي تَركها لنا هؤلاء الباحثون المُحايدون هُنالك جهات تُحاول طمسها والتعتيم عليها, وهي تلك الجهات التي تستغل الدين للسيطرة على الشعوب ولغرض أجنداتها السياسيّة والإستعماريّة (مصدر1)

فيقول عالم الآشوريات الكبير هنري لايارد (1817-1894) في كتابه نينوى وبقاياها (مصدر2) بأن الدين الآشوري في بداياته كان صابئياً نقياً:-

”على ضوء دراسة المُكتشفات الآشوريّة هُنالك تمييز يُمكن مُلاحظته بين الدين الآشوري في مراحله المُبكّرة والأخيرة، رُبما بسبب الفساد الذي حلّ تدريجياً على اللاهوت الآشوري.
فقد كان الدين الآشوري صابئياً نقياً في مراحله الأولى، وقد كانت الأجسام السماويّة يتم تَعظيمها بكونها من سِمات الآلهة العُليا.
ومن العصور السَحيقة لهذه العبادة الفطريّة، وهُنالك أدلّة وافرة على كونها قد نشأت لدى سُكان السهول الآشوريّة.
ويوجد لدينا شهادة موحّدة حول التأريخ المُقدّس والمُدنّس وهي قد أخذت العلامة المثاليّة الكاملة، حيثُ أنه (الدين الصابئي) يُعتبر أقدم نظام ديني وسَبَقَ حتى المصريين.”

وبعد ذلك يستمر بالشرح حول الموضوع فيقول بأنه مدين إلى أحد عُلماء التاريخ بهذا الإقرار وهو

”لا يوجد شك في كون الصابئيّة هي دين الكلدان والآشوريون في مراحل ديانتهم المُبكّرة”

لقد كانت الديانة الصابئيّة المندائيّة قد أكتسبت شُهرة كبيرة في القرن التاسع عشر في أوروبا ولكن بقيت مُعظم الكُتب الدينية المندائيّة صعبة الحصول في ذلك الوقت, بسبب التَحريم الذي يَضعه المندائيون على نشر تعاليمهم خارج مُحيط الكهنة المعنيين بها, ولهذا فقد أعتقدَ كثير من الباحثين ومُنذُ العصور الإسلاميّة الأولى (مصدر3), بأن الصابئة يعبدون النجوم والأجرام السماويّة وذلك لأنهم كانوا يبنون المراصد الفلكيّة لمراقبتها ويتطلعون إلى السماء في كُل ليلة.

وحيثُ أنّ الصابئة هُم موحدون قطعاً وهذا قد أصبح معروفاً للجميع بعد نشر الكُتب المندائيّة في نهايات القرن العشرين, ولكنهم في الزمن القديم كانوا يعتقدون بأن مُراقبة الأجرام السماويّة التي يعتبرونها رموز للشر, كانت تُعطيهم فكرة عن التنبؤ بالمستقبل, وعن معرفة التأثير الذي يحصل منها, عبر الإشارات التي تأتي منها وموقعها من الأبراج.

وهذه إحدى البوث (الآيات) من الكنزا ربا وهي تُبيّن كيف يعتبر الصابئة بأن الكواكب والشمس والقمر هي من الشياطين, وتنتقد عبادتها لدى البابليين مُتعددي الآلهة

* “الشياطين السبعَة المُقدّسة والغاوية تَتسلّط على جميع أبناء آدم وحوّاء.
الأول هو شامش والثاني هو روها اد قدشا أسمها عستار- ليبات – عماميت.
الثالث هو نبو رسول الكَذب الذي زيّف التسابيح الأوّليّة.
الرابع هو سين (القمر) وأسمه صاورئيل.
الخامس كيوان (زُحل) والسادس بيل (المُشتري) والسابع نيرغ (المريخ)” الكنزا ربا اليمين ص16 خفاجي ودُرّاجي – الأصليّة مع الصور المُرفقة

وكذلك فأن القبلة المندائيّة هي بأتجاه الشمال الذي يَدُل عليه النجم القُطبي, ولهذا فيجب التأكد من مكانه قبل الشروع بالصلاة والتي كانت تُقام ثلاث مرات في النهار ومرتين في الليل وفي أوقات تعتمد أيضاً على مواقع الأجرام السماويّة (مصدر4), ولهذا فكان التطلُّع إلى السماء واجباً لجميع المندائيين وفي كُل ليلة.

* “لاتُصلّون في الليالي المُظلمة عندما يكون وقت الصلاة محجوباً, إن الذين يؤدون الصلاة في غير أوقاتها يُحجزون عند بوابة الحياة لحين أن تُفتح باب أباثُر عندها تصعد الصلاة والتسابيح لمكانها” الكنزا ربا اليمين ( مع الصور المُرفقة)

سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ

المصادر

1. مقالة: دَمروا بابل وآشور.. ورقصوا, سنان الجادر

2. كتاب: نينوى وبقاياها, هنري لايارد, لندن 1848, ص439-440
Nineveh and Its Remains Volume II,By Layard, Austen Henry, London (1848), P439-440

3. مقالة: الناصورائيون ….. ,الكلدان, النبط, الأحناف, سنان الجادر

4. مقالة: قِبلة الشَمال والصلاة اللَّيليّة, سنان الجادر

من mandaean